فضيحة لجنة الأخلاقيات: سقوط أخلاقي يهز شرعية التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب
فواصل –
فضيحة لجنة الأخلاقيات: سقوط أخلاقي يهز شرعية التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب
ضجة تتجاوز زلة لسان
عاد الجدل بقوة بعد انتشار تسجيلات صوتية لعضو لجنة الأخلاقيات بالمجلس الوطني للصحافة، تزامنًا مع محاكمة الصحافي حميد المهدوي. العبارات المنطوقة، من قبيل “إشن إشن.. هاتشيطين هاتشيطين”، لم تكن مجرد تعبير عفوي؛ بل فجّرت نقاشًا عميقًا حول طبيعة الذهنية التي تحكم مؤسسات يفترض أن تحرس أخلاق المهنة، لا أن تفرّط فيها.
سقوط أخلاقي مدوٍّ يكشف أزمة قيم داخل المؤسسة
العبارات الشامتة التي خرجت من عضو لجنة يُفترض أنها “حارسة” للأخلاق المهنية، شكّلت صدمة للرأي العام. فهي تُظهر انفصالًا خطيرًا بين اسم اللجنة ووظيفتها، وتحوّل الحارس الأخلاقي إلى مصدر انحراف سلوكي.
كيف يمكن لأستاذ جامعي وعضو هيئة تأديبية أن ينحدر إلى مستوى التشفي من زميل مهني؟ وكيف يمكن لمؤسسة تنظيم ذاتي أن تحافظ على هيبتها وهي تعجز عن ضبط سلوك من يمثلها؟
قراءة قانونية وإعلامية: ليس رأيًا… بل خرق للحياد
السلوك المسجَّل لا يدخل ضمن حرية التعبير، بل يقع ضمن سوء استعمال السلطة الأخلاقية وخرق واضح لمبدأ الحياد. فالأخلاقيات منظومة قيمية تفرض على أصحابها الارتفاع عن الانفعال، لا السقوط في الشماتة.
وكل انحراف من هذا النوع يمسّ مباشرة بشرعية المؤسسات التي تُناط بها مهمة التنظيم الذاتي للصحافة في المغرب.
أزمة ثقة في التنظيم الذاتي: الحَكم يتحول إلى طرف
التسجيل الذي ظهر للعلن عمّق أزمة الثقة التي يعيشها التنظيم الذاتي منذ سنوات. فحين يصبح عضو لجنة الأخلاقيات طرفًا في “معركة”، بدل أن يكون حَكمًا محايدًا، فإن المؤسسة كلها تصبح موضوع سؤال أخلاقي.
هل يمكن للجنة الأخلاقيات أن تدّعي السلطة المعيارية وهي تعجز عن تقويم سلوك أعضائها؟ وما الذي تبقى من رمز الجامعة عندما يسقط أستاذها في اختبار ضبط النفس؟
الحاجة إلى مراجعة جذرية: عندما تبدأ الأخلاق من فوق
ما وقع ليس تفصيلًا عابرًا. إنّه يكشف خللًا عميقًا في ثقافة المسؤولية داخل الهيئات المكلّفة بحماية المهنة.
ويفرض الأمر إعادة النظر في معايير اختيار الأعضاء، وفي فلسفة عمل اللجنة، وفي ضرورة وضع ميثاق سلوكي قوي يسبق تطبيق أي ميثاق على الصحافيين أنفسهم.
فالأخلاق تبدأ من فوق، من حيث يُفترض بالمسؤول أن يكون قدوة لا عبئًا على المؤسسة.
الخلاصة: سقوط ينسف الشرعية قبل أن يسيء إلى المهدوي
سقوط عضو لجنة الأخلاقيات لم يُصِب حميد المهدوي بأذى بقدر ما وجّه ضربة قاسية إلى هيبة اللجنة ذاتها.
والمؤسسات التي لا تحمي معيارها الأخلاقي، ولا تحاسب من يفرّط في وقارها، تفرّط في شرعيتها، وربما في مبرر وجودها.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل نملك فعلًا لجنة مستقلة تحرس المهنة… أم جهازًا يعكس تناقضات أعضائه أكثر مما يعكس قيم الصحافة؟