أخبار وتقارير

ظروف مأساوية للمتقاعدين المغاربة في مواجهة تحديات المعيشة وارتفاع الأسعار

تعيش شريحة واسعة من المتقاعدين المغاربة ظروفا مأساوية تتفاقم يوما بعد يوم، إذ يواجه هؤلاء تحديات كبيرة في تغطية احتياجاتهم الأساسية وسط غلاء معيشي متزايد وضآلة تعويضات التقاعد التي لا تتماشى مع الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية والخدمات. هذا الوضع يدفع بالمتقاعدين إلى حافة الفقر، ويضع قدرتهم على العيش الكريم في الحضيض، ما يثير العديد من التساؤلات حول مدى تحقيق العدالة الاجتماعية لهؤلاء الذين أفنوا حياتهم في خدمة المجتمع.

وفقًا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط، تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن نسبة كبيرة من المتقاعدين المغاربة يعيشون في أوضاع صعبة. حوالي 85% من المتقاعدين يتلقون معاشات تقل عن 3000 درهم شهريا، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. كما تُظهر المعطيات أن أكثر من 50% من المتقاعدين يعتمدون بشكل كبير على أسرهم أو مساعدات اجتماعية أخرى لتلبية احتياجاتهم اليومية.

هذه الإحصائيات تكشف عن فجوة كبيرة بين قيمة المعاشات التي يحصل عليها المتقاعدون وتكاليف الحياة المتزايدة. فبينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تزيد عن 7% خلال العام الماضي، وفقا لبيانات المندوبية، لم يتم مراجعة معاشات التقاعد لتتناسب مع هذا التضخم. كما أن مؤشر التضخم العام في البلاد سجل ارتفاعا تجاوز 5.9%، مما زاد من الضغوط المالية على هذه الفئة التي تعاني أساسا من محدودية الدخل.

بالإضافة إلى بيانات المندوبية السامية للتخطيط، تُظهر بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، الذي يغطي شريحة كبيرة من المتقاعدين في القطاع الخاص، أن الوضع ليس أفضل حالا. فحسب تقرير الصندوق لعام 2023:

  • يبلغ عدد المتقاعدين المستفيدين من الصندوق حوالي 600 ألف شخص.
  • متوسط المعاش الشهري الذي يوفره الصندوق لا يتجاوز 1600 درهم.
  • 40% من المتقاعدين المستفيدين من الصندوق يتقاضون معاشات تقل عن 1500 درهم شهرياً.

هذه المعاشات الضئيلة تجعل المتقاعدين يواجهون صعوبات بالغة في تغطية تكاليف الحياة الأساسية، خاصة مع التحديات الاقتصادية المتزايدة. ويشير الصندوق إلى أن تحسين هذه المعاشات يتطلب إصلاحات جذرية في نظام التقاعد لضمان تغطية أفضل ومستدامة.

ظروف المتقاعدين المغاربة في مواجهة تحديات المعيشة وارتفاع الأسعار
ظروف المتقاعدين المغاربة في مواجهة تحديات المعيشة وارتفاع الأسعار

 

في ظل هذه المعاناة، دقت الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين ناقوس الخطر، محذرة من تداعيات هذا الوضع المقلق. ونددت الشبكة بتجاهل الحكومة المغربية لمطالب تحسين أوضاع المتقاعدين، وأشارت إلى أن عدم النظر في زيادة قيمة المعاشات يمثل خذلانا لشريحة هامة من المجتمع. كما شددت الشبكة على أن شعارات “الدولة الاجتماعية” التي ترفعها الحكومة تبدو جوفاء إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، دون تحركات جادة لحماية حقوق المتقاعدين وضمان عيش كريم لهم.

إن تجاهل المطالب المشروعة للمتقاعدين يساهم في تفاقم الوضع الاجتماعي ويزيد من شعورهم بالتهميش. فرغم أن العديد منهم يعانون من مشاكل صحية تتطلب رعاية مستمرة، فإن ضعف الدخل التقاعدي يجعل الحصول على خدمات صحية جيدة أمرا صعبا، فضلا عن مصاعب تأمين احتياجاتهم الأساسية الأخرى.

في هذا السياق، لا يمكن التغاضي عن الأهمية القصوى لتحسين أوضاع المتقاعدين. تشير بيانات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن 33% من المتقاعدين يعانون من أمراض مزمنة، ما يتطلب إنفاقا إضافيا على الرعاية الصحية. كما أن 40% من المتقاعدين يعيشون في المناطق الحضرية، حيث تكاليف المعيشة أعلى بشكل ملحوظ من المناطق القروية، مما يزيد من الضغوط عليهم.

تحقيق العدالة الاجتماعية والوفاء بشعار “الدولة الاجتماعية” يتطلب اتخاذ إجراءات ملموسة على أرض الواقع لتحسين ظروف فئات عريضة من المجتمع من بينهم المتقاعدين وضمان حقوقهم في حياة كريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى