هنيئا لنا بعودة “الداخلية والإعلام”!
حسن اليوسفي المغاري
حاولت فهم تدخل وزارة الداخلية أساسا، على الرغم من أن القطاع له مجلس وطني من المفروض أن يكون هو المتحدث باسمه، وحاولتُ الربط بين ما ينص عليه دستور 2011 بخصوص ضمان حرية الرأي والتعبير في الفصل 28، والذي ينص على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، وأن للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية ومن غير قيد…”، وبين ما جاءت به المواثيق الدولية بهذا الخصوص، سيما المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أكد في فقرته الثانية أنه “لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من جميع الأنواع، دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو بالطباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها..”، وبين قرار داخليتنا الجديد.. للأسف، القاضي بحرمان الصحفيين من حرية التنقل المهني ليلا، لم أجد أي مسوغ لذلك سوى الحنين لماضي الداخلية والإعلام.
تساءلتُ ما المغزى الحقيقي من هذا المنع، خصوصا الصحافيين الحاملين لبطاقة المجلس الوطني للصحافة، واستحضرتُ العمل المهني الذي تقوم به بعض المؤسسات في إطار التصدي لموجة الأخبار الكاذبة، والعمل الذي يقوم به العديد من الزملاء الصحافيين على أرض الواقع محاولة منهم إيصال المعلومة الصحيحة بالصوت والصورة، – لا أتحدث هنا طبعا عمّن يسير خلف السلطة وفي ركبها لإظهار سلطة السلطة -.
استغلت إذن داخليتنا وضع الحجر الصحي لتنوب عن الجميع، وتقوم بإجراءات وتتخذ قرارات قد تتجاوز بها كل المؤسسات، وأضحت بقرارها الأخير تتحدث باسم المجلس الوطني للصحافة، كمؤسسة تم إلغاء دورها، بل وتجاوزت ما ينص عليه الدستور ومختلف القوانين والشرائع الكونية.
إن حظر التنقل الليلي، المهني، على الصحافيين الذي ربطته الداخلية بحالة الطوارئ الصحية، قد يكون مبالغا فيه بالنظر إلى الدور الذي تقوم به فئة عريضة من مهنيي الإعلام التي تعمل جاهدة على إيصال المعلومة من مكان الحدث.. لا نريد أن نعيش وباء الفيروس ووباء الحظر المهني المرتبط بعمل الصحافة، وإلا فلن تكون هناك سوى الرواية الرسمية التي لربما تريد منها بيروقراطية الداخلية أن تكون هي المصدر الوحيد والأوحد للمعلومة.