أخبار وتقارير

أزمة كليات الطب في المغرب: مقاطعة 93% من الطلبة للامتحانات وسط احتجاجات متزايدة

في تصعيد جديد لأزمة كليات الطب بالمغرب، أعلنت تنسيقيات طلبة الطب عن مقاطعة 93% من الطلبة للامتحانات الاستدراكية التي أُجريت الأسبوع الماضي. هذا التصعيد جاء بعد احتجاجات طلابية واجهتها السلطات بتدخلات أمنية ومحاكمات لعدد من الطلبة. ويأتي هذا في ظل تزايد الانتقادات لظروف التعليم الطبي بالمغرب، حيث يعاني القطاع من نقائص هيكلية وتحديات كبيرة تؤثر على جودة التكوين الأكاديمي.

استنادًا إلى تقرير حديث صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، فإن النظام التعليمي الطبي في المغرب يواجه نقصًا حادًا في التجهيزات والبنية التحتية، حيث لا تتجاوز نسبة المستشفيات الجامعية المجهزة بالكامل 50%. هذا النقص ينعكس سلبًا على الطلبة الذين يعتمدون بشكل كبير على التدريب العملي في المرافق الصحية.

وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2023، المغرب بحاجة إلى زيادة عدد الأطباء بنسبة 30% بحلول عام 2030 لمواكبة الطلب المتزايد على الخدمات الصحية. ويؤكد التقرير أن هناك نقصًا حادًا في أعداد الأطباء الممارسين، حيث يبلغ معدل الأطباء لكل 1000 نسمة حوالي 0.7، وهو أقل بكثير من المعدل المطلوب عالميًا والذي يقدر بـ2.5 لكل 1000 نسمة. هذا النقص يزداد تعقيدًا مع تزايد هجرة الأطباء إلى الخارج، حيث يهاجر سنويًا حوالي 600 طبيب مغربي للعمل في دول أوروبية وخليجية.

تشير المندوبية إلى أن 70% من كليات الطب بالمغرب تعاني من نقص في الأطر الأكاديمية، حيث أن النسبة الحالية للأساتذة لا تتجاوز 60% من المطلوب. هذا النقص يؤدي إلى ازدحام الفصول الدراسية ونقص في التوجيه الشخصي للطلبة، مما يعوق التكوين الجيد.

مع استمرار المقاطعة الطلابية، يُخشى أن يؤدي ذلك إلى تفاقم النقص في الأطباء المؤهلين في المستقبل. ويعتبر هذا التصعيد خطرًا على النظام الصحي المغربي، خاصة أن البلاد تواجه تحديات كبيرة في توفير الرعاية الصحية الكافية في ظل النقص الحالي في الأطباء. ووفقًا للتقرير السنوي لوزارة الصحة، فإن 45% من المناطق الريفية في المغرب لا تتوفر على خدمات طبية أساسية بسبب النقص في الكوادر الطبية.

أصدر المجتمع المدني، بما في ذلك الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بيانات دعم للطلبة، مطالبين السلطات بفتح حوار جاد مع ممثليهم. وندد البيان بالتدخلات الأمنية، معتبرًا إياها “انتهاكًا لحقوق التعبير والتظاهر السلمي”.

يرى الدكتور محمد السعيدي، أستاذ التعليم العالي بكلية الطب، بجامعة الحسن الثاني، أن الأزمة الحالية تعكس فشل النظام التعليمي في تلبية الاحتياجات المتزايدة للتدريب الطبي. ويضيف أن الحكومة بحاجة إلى “برنامج إصلاحي عاجل يشمل تحسين البنية التحتية للكليات، وزيادة التمويل لتوفير التجهيزات الضرورية والتدريب السريري.”

مع تفاقم الأزمة بين الطلبة والسلطات المغربية، تتزايد الضغوط على الحكومة للاستجابة لمطالب الطلبة وتحسين ظروف التكوين الأكاديمي. ويبدو أن مستقبل النظام الصحي في المغرب يعتمد بشكل كبير على مدى قدرة الحكومة على احتواء هذه الأزمة وتلبية المطالب العاجلة لضمان استمرار التكوين الطبي وتأهيل الأطباء الجدد لمواجهة التحديات الصحية المتزايدة في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى