
فواصل..
اتفاقية بَحرية مغربية إسرائيلية في ظل المجازر: تطبيع اقتصادي فوق أشلاء أطفال فلسطين
في خطوة أقل ما يمكن وصفها ب”الانفصام الأخلاقي والسياسي”، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، الخميس 8 ماي 2025، المصادقة على اتفاقية نقل بحري مع المغرب، موقّعة منذ ماي 2023 في الرباط، في الوقت الذي تواصل فيه آلة الحرب الإسرائيلية ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتجويع ممنهج في قطاع غزة المحاصر.
الاتفاقية، التي تشمل بنودا تتعلق بفتح الموانئ وتسهيل التبادل البحري والاعتراف المتبادل بالوثائق البحرية، جاءت بعد موافقة مغربية سابقة، فيما كانت إسرائيل قد أجّلت المصادقة بسبب ما أسمته “الانشغال العسكري”، في إشارة إلى عدوانها واسع النطاق على الأراضي الفلسطينية، والذي خلّف حتى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، أغلبهم من الأطفال والنساء، ودمّر البنية التحتية الصحية والتعليمية بالكامل.
■ بين الدّم والموانئ..
بينما تُقطع الإمدادات الإنسانية عن مليونَي فلسطيني في غزة، ويُمنع دخول الدواء والغذاء، وتُستهدف المستشفيات والمخابز، يتم الإعلان عن فتح أرصفة موانئ المغرب للتبادل البحري مع كَيان لقيط يمارس التطهير العرقي بوقاحة تحت أنظار العالم، وبتواطؤ عربي رسمي ضد إرادة الشعوب.
فهل أصبحت “المصالح” التجارية فوق الكرامة الإنسانية؟ وهل بات فتح خطوط الشحن أكثر أولوية من حق الشعوب في الحياة والحرية؟
إن توقيت المصادقة الإسرائيلية على الاتفاقية (8 ماي 2025)، (موقّعة منذ ماي 2023 )، لا يخلو من رمزية سياسية فاضحة. ففي ظل اتهام إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، تأتي هذه الخطوة لتمنح “تل أبيب” إشارات تطبيع إضافية، تُقرأ كغطاء سياسي في وقت تبحث فيه عن مَتنفّس دبلوماسي واقتصادي وسط موجة إدانات شعبية عالمية متزايدة، وبعض الجهات الرسمية والمؤسسات الغربية، في غياب تامّ لأي موقف إيجابي رسمي عربي لكَسر الحصار المفروض على شعب يُقتّل بالتجويع وبالإبادة.
■ تساؤلات حارقة..
في الوقت الذي تقطع فيه جنوب إفريقيا علاقاتها مع إسرائيل، وتستدعي دول كبرى سفراءها رفضا للعدوان، ما الرسالة التي نبعثها نحن من المغرب بهذه الاتفاقية؟ أهي رسالة انخراط في شبكة المصالح الإسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية، أم تأكيد أن التطبيع لا سقف له، حتى وإن جرى على أنقاض أطفال غزة؟
التاريخ لا يرحم، والضمير الشعبي لا يُخدَع بسهولة. إن الترويج لهذه الاتفاقيات باعتبارها “مكاسب اقتصادية” لا يمكنه أن يطمس الحقيقة البشعة: من يقف إلى جانب الجلاّد لا يستطيع أن يدّعي الحياد. والشعوب، وإن صمتت الحكومات، لن تنسى من صافح القتلة بينما كانت المجازر تُبث مباشرة على الهواء.
- الصورة: وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف ونظيرها المغربي محمد عبد الجليل يوقعان على اتفاقيتين
29.05.2023 – The Israeli liaison office in Morocco