فواصل

غزة تنتصر..

 

فواصل

 

بعد أكثر من عام وأربعة أشهر من حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الصهيوني على غزة، أُعلن وقف إطلاق النار في مشهد يؤكد انتصار المقاومة وصمود شعب غزة العظيم رغم التقتيل والدمار الشامل. هذا النصر، الذي جاء بدماء الشهداء وصمود الأطفال والنساء والرجال، يكشف بوضوح أن القوة ليست في حجم الترسانة العسكرية، بل في عدالة القضية وصلابة الإرادة، ولن يفهم معنى “عدالة القضية” سوى أصحاب القضية أنفسهم، وليس المطبلين المطبعين.

حرب غزة الأخيرة كشفت هشاشة الاحتلال، ليس فقط في السياسة، بل في الميدان. على الرغم من امتلاكه أقوى الآلات الحربية وأكثر أجهزة الاستخبارات تطورا، عجز عن تحقيق أهدافه التي أعلن عنها مع بداية حرب الإبادة أمام مقاومة منظمة ومحترفة بقيادة كتائب القسام.

المقاتلون الفلسطينيون أثبتوا عبقريتهم العسكرية في إدارة المعركة، عبر صواريخهم الدقيقة وأنفاقهم التي شكلت كابوسا للجيش الإسرائيلي، وتحول الاحتلال من قوة غاشمة إلى كيان يبحث عن مخرج للهروب من المأزق.

ظهور صورة القائد يحيى السنوار كرمز لهذه المعركة، ليس فقط رسالة تحدٍ للاحتلال، بل هو تأكيد أن غزة، بمقاومتها، تقف بقيادتها وشعبها ككتلة واحدة موحّدة.. السنوار حاضر في هذا الانتصار كرمز للقوة والإرادة بصورته تلك التي ستخلّده مقاوما مُقبِلاً غير مُدبِر، وقائد خطط وصنع النصر مع باقي أبطال المقاومة.

الاتفاق على وقف إطلاق النار لم يكن مكسبا للاحتلال، بل هزيمة سياسية بعد فشل ذريع في تحقيق أي من أهدافه. القصف العشوائي، الحصار، والجرائم ضد المدنيين لم تجبر غزة على الركوع. بل كشفت عن نظام سياسي هشّ، يعيش أزمة داخلية عميقة، ويواجه عالما بدأ يشكك في سرديته المزيفة.

رسائل غزة..

النصر في غزة ليس مجرد انتصار عسكري؛ إنه شهادة حية على إرادة أمة، وصوت يعلن للعالم أن الحق الذي تحمله فلسطين مدعوم بروح المقاومة وبإيمان الشعوب.

غزة اليوم تثبت أن التحرير الكامل لفلسطين ليس حلما بعيد المنال، بل حقيقة تنتظر التحقق يوما بعد يوم.

غزة اليوم تضع العالم أمام حقيقة واضحة: حركات المقاومة وحركات التحرير عبر التاريخ تنتصر.

غزة هي شريان فلسطين؛ وكل شبر من أراضيها سيعود، لأن المقاومة ليست مجرد رد فعل، بل مشروع تحرير يمتد إلى حيفا وعكا والقدس وكل فلسطين. وكما كانت غزة عنوان الصمود، ستكون فلسطين عنوان النصر الكبير.

غزة اليوم تُعلّم العالم معنى الكرامة، ورسالتها واضحة: الأقصى لن يبقى أسيرا، وفلسطين ستعود حتما إلى أهلها، بمطلق اليقين.

غزة دُمِّرت عن آخرها، في حرب غير متكافئة، تكالبت عليها الأنظمة الغربية والعربية.. لكنها انتصرت رغم كل شيئ وعلى أنف أولئك الذين لا يفهمون معنى الكرامة ومعنى العزة، أولئك المطبّلون المطبعون من بني جلدتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى