لبنان.. تأريخ للاحتلال ومقاومة رادعة

يُعتبر جنوب لبنان أحد الساحات المركزية في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث شهد هذا الإقليم احتلالا إسرائيليا استمر لسنوات، وكان مسرحا لمقاومة لبنانية رادعة نجحت في استعادة السيادة الوطنية. شكلت هذه المقاومة محطات بارزة في تاريخ المنطقة، وأسهمت في تغيير معادلة القوة في الصراع مع إسرائيل.

الجنوب اللبناني: كيف انتصرت المقاومة على الاحتلال الإسرائيلي؟

بدأ الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني بشكل مباشر بعد اجتياح 1978، الذي تلاه عملية “السلام للجليل” في عام 1982. كان الهدف الأساسي هو إنشاء منطقة أمنية داخل لبنان لمنع الهجمات على شمال إسرائيل.

بعد ذلك، أنشأت إسرائيل ما عرف بـ”جيش لبنان الجنوبي” تحت قيادة أنطوان لحد، وهو ميليشيا مدعومة إسرائيليا عملت على حفظ مصالح الاحتلال في تلك المنطقة.

استمر الاحتلال حتى العام 2000 عندما انسحبت إسرائيل بشكل غير متوقع من جنوب لبنان تحت ضغط المقاومة اللبنانية بقيادة “حزب الله”. يعد هذا الانسحاب واحدا من أهم التحولات الاستراتيجية في المنطقة.

محطات المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي: من 1978 إلى 2006

التأسيس والعمليات الأولى.. بدأت المقاومة اللبنانية بمبادرات محلية صغيرة، ولكنها سرعان ما تطورت بفضل دعم شعبي واسع وبدعم لوجستي من إيران وسوريا. خلال الثمانينيات والتسعينيات، نفذت المقاومة عمليات نوعية ضد القوات الإسرائيلية وجيش لبنان الجنوبي.

انسحاب إسرائيل من لبنان 2000: انتصار المقاومة اللبنانية.. في 25 مايو 2000، انسحبت القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني دون شروط مسبقة، ويعد هذا الانسحاب الأول من نوعه الذي تقوم به إسرائيل دون اتفاقيات سلام. اعتبر هذا الانتصار لحظة حاسمة في تاريخ لبنان والمنطقة، حيث أكد قدرة المقاومة على فرض تغييرات استراتيجية.

حرب 2006: الصمود والانتصار السياسي.. شنت إسرائيل حربا شاملة على لبنان في يوليو 2006، ردا على أسر حزب الله لجنود إسرائيليين. ورغم القوة التدميرية التي استخدمتها إسرائيل، لم تتمكن من تحقيق أهدافها العسكرية. حققت المقاومة اللبنانية صمودا تاريخيا خلال 33 يوما من الحرب، مما أجبر إسرائيل على القبول بوقف إطلاق النار بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1701.

تأثير المقاومة على معادلات القوة.. استطاعت المقاومة اللبنانية فرض واقع جديد على المعادلات العسكرية والسياسية في المنطقة. فالانسحاب الإسرائيلي في 2000 كان له تداعيات مهمة على السياسة الإسرائيلية، حيث أدى إلى إعادة تقييم استراتيجيات الاحتلال. وفي 2006، رغم الخسائر الفادحة للبنان، حققت المقاومة إنجازا معنويا وسياسيا كبيرا، وأصبحت مصدر إلهام لحركات المقاومة الأخرى في المنطقة.

يظل تاريخ الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني والمقاومة التي واجهته درسا في قدرة الشعوب على الصمود والتغيير، خاصة عندما يكون لديها دعم شعبي وإرادة قوية.

المصادر والبيانات

• تقارير الأمم المتحدة حول الانسحاب الإسرائيلي 2000 والقرار 1701 (UNIFIL).
• بيانات من مراكز الأبحاث السياسية والعسكرية مثل مركز الدراسات العربية والشرق الأوسط.
• الوثائق الصادرة عن الحكومة اللبنانية وتقارير حزب الله حول المقاومة.
• تحليلات من الصحف والمجلات الدولية مثل “نيويورك تايمز” و”الجارديان” التي وثقت الحرب في 2006.