فواصل

“مليونيرات الضمان الاجتماعي.. علي بابا والأربعون حرامي”

حسن اليوسفي المغاري 

  فواصل – 

في وطننا الحبيب، حيث الشمس تشرق على الجميع بالتساوي إلا في الحسابات البنكية، ضربنا زلزال رقمي جديد.. تسريبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تلك الهدية غير المتوقعة من “هاكرز” يُقال إنهم من “الجوار”، كشفت لنا أننا نعيش في أرض الأحلام دون أن ندرك! ملايين الموظفين، نصفهم يشتكي من راتب لا يكفي لكسريات القهوة، وفجأة اكتشفنا أن هناك من يتقاضى أجورا تجعل رؤساء الشركات الأمريكية يبدون كمتسولين في شوارع نيويورك.

القصة بدأت عندما قرر مجموعة من “الفنانين الرقميين”، بأدواتهم السحرية، أن يفتحوا خزائن الصندوق ويشاركوا العالم كنوزه.

بيانات؟ آه، يا لها من بيانات! ملفات PDF تطير كالفراشات، جداول CSV تحكي قصصا أغرب من روايات الخيال العلمي، وأرقام تجعلك تتساءل: هل كنا نعيش في فقاعة من التواضع أم أن الصندوق كان يدير كازينو سري تحت الأرض؟

رواتب بعشرات الآلاف من الدراهم شهريا، تسجيلات لشركات لا أحد يعرف إن كانت تبيع “الرخام” أو صواريخ فضائية، ومعلومات شخصية تجعلك تشك في أن بطاقتك الوطنية أصبحت نجمة عرض على تيليغرام.

الصندوق، من جهته، خرج ببيان يشبه خطابات الأمهات عندما تُكتشف كعكة مخبأة في المطبخ: “نعم، حدث شيء، لكن لا تقلقوا، كل شيء تحت السيطرة، وربما المسرب ليس كما يبدو!”

لكن الجمهور، الذي أصبح فجأة خبيرا في الأمن السيبراني بفضل ساعات التعليق على X، لم يقتنع.

كيف يمكن أن تُسرق بياناتنا ونحن لا نملك حتى كلمة سر قوية؟”، يتساءل مواطن بسيط بينما يحاول تذكر إن كان قد استخدم “123456” كرقم سري لكل شيء.. والمفارقة؟ بينما نحن نتحدث عن أجور خيالية تُسرب على أنها حقيقة، هناك من يقسم أن راتبه لا يكفي لشراء “كرواسان” من الحي.. هل نحن أمام أكبر عملية تضليل في التاريخ، أم أن هناك فعلا من يعيش بيننا كمليونير سري يتظاهر بشراء الخبز بـ”التقسيط”؟

الهاكرز”، الذين يسكنون بجوارنا، ببراعتهم، لم يتركوا لنا مجالا للشك: إما أن الصندوق كان يدير ثروة طائلة لم نرَ منها درهما، بعد أن تم سرقة الملايير، وبعد الحديث عن إفلاس الصناديق، يتساءل البعض ما إن كانت الأرقام ملفقة لدرجة أنها تستحق جائزة أوسكار لأفضل سيناريو.

عمودي الساخر هذا، لا يسعني إلا أن أضحك على المشهد: مؤسسة تُخترق، شعب يتساءل، وأرقام تتراقص كأنها في عرض كوميدي.

ربما كان علينا أن نستثمر في حراسة رقمية بدلا من مشاريع ترقيع الشوارع، أو ربما علينا فقط أن ننتظر التسريب القادم لنكتشف أننا جميعا نملك قصورا في جزر المالديف دون أن نعلم.

حتى ذلك الحين، فلنحتفظ بكلمات السر الضعيفة ونحلم بأننا، يوما ما، سنكون جزءا من تلك الأرقام الخيالية التي تُسربت عنا!

هل علمتم من هو علي بابا ومن هم ال40 حرامي؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى