فواصل

ميناء طنجة المتوسط بين الاقتصاد والجغرافيا السياسية

هل يتحول المغرب إلى طرف في حرب لا تعنيه؟

✍️ حسن اليوسفي المغاري

اهتزت الساحة الإعلامية المغاربية والدولية على وقع تحقيق صحفي كشف عن استعمال ميناء طنجة المتوسط لنقل مكونات مقاتلات F-35 الأمريكية إلى إسرائيل، ضمن عملية لوجستية تقودها شركة الشحن العالمية “ميرسك”، عبر مسار يمر من مصنع في تكساس إلى ميناء طنجة ثم حيفا الإسرائيلية، وصولاً إلى قاعدة نفاتيم الجوية.

بعيدا عن التأكيد أو النفي الرسمي، يطرح هذا المعطى أسئلة جوهرية تتجاوز البعد الاقتصادي والتقني. هل يدرك المغرب أن تحوّل مينائه الاستراتيجي إلى محطة ضمن منظومة الدعم العسكري لإسرائيل، في خضم الحرب الوحشية المستمرة على غزة، من شأنه أن يُقحم البلاد في صراع أخلاقي وسياسي قد تكون له تبعات دبلوماسية وحتى أمنية؟

المغرب: قوة لوجستية تُستغل لأجندات غير معلنة؟

ميناء طنجة المتوسط هو مفخرة وطنية بحق، وصنف مرارا ضمن أفضل الموانئ العالمية من حيث الأداء والكفاءة. لكن السؤال اليوم هو: هل يمكن لهذا النجاح أن يتحول إلى عبء سياسي؟

إن شركات الشحن الكبرى لا تُراعي دائما الحساسيات الجيوسياسية، وهنا تبرز مسؤولية السلطات المغربية في التحقق الصارم من طبيعة الشحنات العابرة، خصوصًا في سياقات حربية مثل الحرب في فلسطين.

موقف الشارع المغربي: غضب مكبوت

المغاربة عبّروا مرارا عن دعمهم الصريح والمطلق للقضية الفلسطينية، في مسيرات شعبية ضخمة، ورفضهم لأي شكل من أشكال التطبيع الاقتصادي أو اللوجستي مع الاحتلال. وإذا ما تأكدت هذه المعلومات، فسيشعر المواطن المغربي أن رموز السيادة تُستعمل فيما يناقض تمامًا الضمير الجمعي الوطني.

من الحياد الإيجابي إلى التورط الصامت؟

إن خطورة ما يجري، إن صح، هو أن المغرب قد يتحول إلى طرف غير مباشر في حرب الإبادة التي تُشن على المدنيين في غزة، عبر السماح — أو التغاضي — عن مرور معدات تُستعمل في قصف شعب محاصر.

وهنا لا يكفي القول إن العملية تقودها شركة أجنبية، فالميناء خاضع للسيادة المغربية، ومسؤولية مراقبة الشحنات تمر عبر أجهزة الدولة.

لذا يتعين على البرلمان المغربي ووسائل الإعلام الوطنية الضغط من أجل فتح تحقيق فوري، ونشر نتائج شفافة للرأي العام. فالمغرب اليوم أمام اختبار أخلاقي حاسم: إما أن يكون فعلاً مدافعًا عن العدالة الدولية، أو متورطًا في دعم آلة القتل، ولو بالصمت أو التجاهل.

لم يعد الحياد خيارا عندما تكون حياة الأبرياء على المحك. واستخدام البنية التحتية المغربية، دون علم الشعب، في دعم دولة تنتهك القوانين الدولية، هو تشويه لصورة بلد ناضل طويلا من أجل العدالة والحرية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى