نبض الشعوب في مواجهة تواطؤ السياسيين: فلسطين توحد الضمير العالمي

بالعربي من باريس |
حسن اليوسفي المغاري
نبض الشعوب في مواجهة تواطؤ السياسيين: فلسطين توحد الضمير العالمي
على الرغم من آلة الدعاية الضخمة التي سخّرتها القوى الغربية منذ عقود لتزييف الحقائق وتبييض صورة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن ما يجري اليوم في قطاع غزة قد كشف هشاشة هذا البناء الإعلامي، وأعاد توجيه بوصلة الرأي العام العالمي نحو الحقيقة: فلسطين هي قضية الشعوب، وإسرائيل كيان استعماري غاصب لا يملك ما يبرر جرائمه سوى صمت المتواطئين.
منذ أكثر من عقدين، أظهرت استطلاعات رأي أجرتها مراكز أوروبية كبرى أن ثلثي الأوروبيين يعتبرون إسرائيل الخطر الأكبر على السلم العالمي. كانت تلك النتيجة صادمة لعواصم القرار التي سارعت إلى إطلاق حملات “غسيل دماغ” منظمة استهدفت الأجيال الصاعدة، خاصة في المؤسسات التعليمية، لإعادة برمجة الوعي الجمعي الغربي بما يخدم الرواية الصهيونية. لكن يبدو أن الغباء الاستراتيجي الذي قاد إلى حرب الإبادة الجماعية في غزة قد أجهز على ما تبقى من تأثير تلك الحملات.
اليوم، وفي خضم المجازر التي تطال المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ، ومع دمار شامل للبنية التحتية والمستشفيات والمدارس والملاجئ، يخرج ملايين المتظاهرين في العواصم الغربية رافعين علم فلسطين، هاتفين للعدالة، ومطالبين بوقف المجازر ودعم حقوق الشعب الفلسطيني.. لندن، باريس، مدريد، نيويورك، برلين، سيدني، أمستردام، مونتريال… لم تسلم عاصمة من عواصم الغرب من المد الجماهيري المؤيد لغزة، في مشهد غير مسبوق في حجمه واستمراريته.
المفارقة العجيبة أن هذه التظاهرات لا تجد آذانا صاغية لدى صناع القرار، بل يقابلها بعضهم بمزيد من التواطؤ مع المحتل، وبتشريعات لقمع الأصوات المناصرة لفلسطين تحت ذرائع واهية. لكن الشعوب باتت أكثر وعيا، وأصبح من المستحيل خداعها إلى الأبد.
لو جرى اليوم استفتاء حر وشفاف في أي من دول “التطبيع”، لظهرت النتائج بشكل كاسح: رفض عارم للتطبيع، ودعم لا مشروط لفلسطين. فالقضية الفلسطينية ليست قضية سياسية فقط، بل قضية أخلاقية وإنسانية، وامتحان حقيقي لضمير البشرية.
لقد سقطت الأقنعة، وانهارت الرواية الرسمية، وبات واضحا أن ما فشلت فيه الحكومات تقوم به الشعوب بشجاعة، وأن الزمن لم يعد في صالح الكيان المصطنع، مهما امتلك من أدوات بطش ودعاية. فبينما تتغافل الحكومات، تصرخ الشعوب: “فلسطين حرة من النهر إلى البحر”.