“مداويخ” التطبيع ورهان “الدولة”
فواصل – –
حسن اليوسفي المغاري
“مداويخ” التطبيع ورهان “الدولة”
كثر الحديث عن مراسيم التطبيع العلني، او ما سمي بإعادة العلاقات، حيث تم تمريغ رأس “المصباح” في وحل تلكم المسرحية الهزيلة والهزلية التي أرادت “الدولة” من خلالها الخروج من المأزق الخفي للعلاقات المغربية الإسرائيلية، إلى علنية إعادة فتح مكتبي الاتصال إلى سابق عهدهما في كل من الرباط وتل أبيب.
عاين المغاربة قاطبة ليلة الثاني والعشرين من دجنبر 2020، مهزلة رئيس حكومة المغرب () وهو دليل أمام “كوشنر” اليهودي مستشار الرئيس الأمريكي، وأمام “مئير بن شبات” اليهودي المغربي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الورقة الرابحة لـ”نتنياهو”..
مشهد آلم الغالبية العظمى من المغاربة، وفي نفس الوقت، ابتهج له البعض ممن ينحو منحى الخنوع ومسايرة موجة الاعتراف بالتطبيع تحت مسميات عدة متماهية مع “دولة” الاحتلال المغتصبة لأرض فلسطين.
لطالما أبديت استغرابا أمام دعوات التطبيع التي باتت من أولويات أنظمتنا العربية والإسلامية، ولطالما تساءلت: ما معنى تبادل الزيارات وفتح مكاتب الاتصال وإبرام اتفاقات وعقد الصفقات… ما الفرق في كل ذلك مع كلمة التطبيع؟
أشفق بعض المغاربة، ولام بعضهم الآخر تواجد رئيس الحكومة، في تلك المسرحية الهزلية حيث لعب دور “الكومبارس” الذي وقّع على بنود اتفاقات التطبيع، وذهب البعض إلى أن الموقف كان يتطلب شجاعة السياسي المحنّك لرفض المشاركة في المسرحية الهزلية وبالتالي تقديم الاستقالة..
يقول المثل المغربي “دخول الحمام ماشي بحال خروجو”، وبالتالي فإن عملية –التغيير من الداخل- التي نادى بها أصحاب “المصباح”، لم تثبت نجاعتها، بل أتت بضدها وحصل التغيير الفعلي بحيث صار “المصباح” بألوان متعددة تتماهى ورؤية النظام السياسي القائم.
“مداويخ” الزعيم..
يبدو أن فصول المسرحية السياسية قد تركت انطباعا سلبيا وتدمرا لدى منتسبي العدالة والتنمية، ولم يمض إلا وقت قصير ليخرج “الزعيم” في بث مباشر ليُلقي خطبة “التأصيل” الدولتي، كيف لا وهو من رجالات الدولة الذي لا يشق له غُبار.. بحيث بدا منافحا عن “الدولة” وعن “خدّام الدولة”، مانحا صك الغفران مبررا حقّ الدولة في تقرير مصير الشعب الذي يجب أن يقبل التطبيع، عفوا، لم يكن تطبيعا وإنما فقط إعادة العلاقات إلى العلن..
خرج الزعيم ليبرر فعلة رئيسه في الحزب الذي أمضى الاتفاقيات، وقال الزعيم إن رئيس الحكومة لم يكن ليرفض قرارات رئيس الدولة.
صراحة، تمنيت لو أن “الزعيم” كان عوض “الرئيس” في صورة تذكارية تاريخية جنبا إلى جنب مع قاتل أطفال غزة المدعو “شبات”.. ولعل تدوينات العديد من المغاربة التي تطالب بتعيين السيد “الزعيم” سفيرا لدى الكيان الصــه،يــوني، كانت بمثابة ردّ فعلي مباشر على خرجته تلك.
خدم “الزعيم” الحزب، وبرّر موقف “الرئيس”، ونافح ووجّه “المداويخ” نحو –التعقّل- لكي لا يحدث لـ”المصباح” ما لا تحمد عقباه ! وبالتالي قبول منطق “الدولة”.. الأمر الذي بدا جليا في بلاغ الأمانة العامة للحزب التي عبرت عن “دعمها الكامل للأخ الأمين العام رئيس الحكومة فيما يضطلع به من مهام كثاني رجل في الدولة…”، كما نوّهت ذات الأمانة )تنوه( عاليا الموقف الذي عبّر عنه الأستاذ بن كيران.. مما يؤكد أنه من رجال الدولة الكبار في المنعطفات الكبرى.”..
فهل نجح “الزعيم” في خرجته تلك في إسكات “المداويخ”؟ ..
يبدو أن التحكّم بلغ مبتغاه وبأن الرسالة حقّقت المراد، ولعل إخبار تأجيل انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للعدالة والتنمية، الذي كان مبرمجا ليوم الأحد 27 دجنبر، قد تم إقبارها إلى موعد لاحق! خير دليل على سياسة التحكّم.