الاهتمام بالإنسان هو أساس قيام العُمران
فواصل – –
حسن اليوسفي المغاري
الاهتمام بالإنسان هو أساس قيام العُمران
الاهتمام بالإنسان هو أساس قيام العُمران.. هل نحن بصدد الحديث عن عقد اجتماعي جديد!؟ كل النماذج التنموية تم الإقرار بفشلها رسميا، وفي كل سنة صرنا نبحث عن منفذ.. لكن الحل والمنفذ الوحيد يتمثل في تغيير النهج السياسي، وتغيير العقلية المستبدة التي لا ترى سوى ما تراه هي صالحا للبلاد والعباد..
إننا نتساءل حينا عن الثروة، وأحيانا كثيرة عن النموذج التنموي تحت مسميات عدة! وأحايين أخرى نهجنا سياسة “عفا الله عما سلف”، وقبل ذلك بكثير ضاعت ملايير دون حسيب ولا رقيب..
فوارقنا الاجتماعية أضحت واضحة للعيان، وأضخى تأثيرها كبيرا على المنظومة المجتمعية.. فئات قليلة جدا مقارنة بعدد سكان المغرب، تُعرف بطبقة “خُدّام الدولة”؛ وهي المسيطرة على مفاصل الدولة.. وطبقة غنية امتزجت مصالحها في إطار زواج سياسي واقتصادي، شكلت بذلك جماعات ضغط قوية منافحة عن مصالحها.. و”لوبيات” أخرى ذات الارتباط الوثيق بالسياسات الاقتصادية العالمية. لتأتي بعد ذلك مباشرة الطبقة الاجتماعية الفقيرة! وهنا طبعا فلا مجال للحديث عن طبقة وُسطى، لأنها غير موجودة! والأجدر بنا الحديث عن طبقة فقيرة وأخرى فقيرة مسحوقة ومعدمة..
إننا ومنذ مدة نعيش مخاضا سياسيا واقتصاديا له تأثيره الجلي اجتماعيا، بحكم أن أهم وأكبر مكون اجتماعي -العنصر البشري-، ينتمي للفئات الأخيرة: الفقيرة والفقيرة المسحوقة والمعدمة!
وبتفكيك لمسببات تأخر نموذجنا التنموي، يجدر بنا طرح سؤال من المتحكّم في مصادر الثروة لكي نصل إلى جواب سؤال أين الثروة!؟
إن نظامنا الاقتصادي الخاضع لإملاءات الصناديق الدولية المانحة، جعل منا نظاماً مرتهناً خانعاً لا يمكنه الاعتماد على إمكانياته الوطنية..
ونظامنا التعليمي الذي يغوص منذ مدة في الحضيض، (لجان وبرامج استعجالية، ومجالس وتقارير وميزانيات بالملايير ضاعت دون حسيب ولا رقيب)؛ مع العلم أن التعليم هو رافعة التطور والتقدم، فلن يمكنه الوصول إلى المبتغى المنشود مثل باقي الدول التي تجاوزتنا بسنوات ضوئية..
وسياساتنا التنموية المعتمدة على ثقافة الريع لتثبيت الولاء، لا يمكنها إلا أن تصل بنا إلى المراتب المتدنية جدا التي نستحقها في سُلّم التنمية البشرية..
هذا دون الحديث عن نظامنا القضائي، أي العدالة بصفة عامة، وسياساتنا الحقوقية ونظامنا الانتخابي وسياساتنا الجهوية وإقصاء الكفاءات، واعتماد الهُزال وتوجيه الإعلام وكبح الأصوات المنتقدة أو الموجّهة، ولعل خير دليل تعامل الدولة مع الحَراكات الشعبية التي عرفتها مختلف مناطق المغرب المتضررة من سياسات التهميش.
الواقع يتحدث لغة أخرى غير لغة السياسي، الواقع يعلو ولا يُعلى عليه بالشعارات الرنانة والبرامج المُهترئة!
الواقع الذي صار يعلمه الصغير قبل الراشد، أن الفوارق الاجتماعية لن تؤدي لا إلى خير البلاد ولا خير العباد..
الواقع يتطلب وصفات تنموية حقيقية تقطع مع “الريع الولائي”، وتتجاوز سياسة الولاءات ومِنَح “خُدّام الدولة”، لأن الدولة هي المواطن والوطن لكل المواطنين وليس لفئة قليلة جدا من المواطنين!
كفى استهتارا بوعي المواطن، والاهتمام بالإنسان هو أساس قيام العُمران.