فواصل – –
حسن اليوسفي المغاري
إعلام الحقيقة وإعلام الكذِب البَواح
كلما تحدثنا عن القضية الفلسطينية إلا وكان لوسائل الإعلام الغربي بالخصوص، موطئ قدم في تزييف الحقائق وتقديم صورة غير موضوعية ومخالفة تماما للمجريات على أرض الواقع التي نعلمها جميعا..
المتتبع للأخبار عبر مختلف القنوات الفضائية الغربية، المفروض فيها التحلي بالموضوعية والحياد، والمهنية الصحفية التي تعتمد أساسا تنوير الرأي العام بصفة عامة بالحقيقة من خلال تقديم الأخبار الموثوقة سيما إذا كانت منقولة من عين المكان..
من المفروض أن الإعلام يجب أن يعمل بشكل كبير على التوعية والإخبار الصحيح، الإخبار البعيد كل البعد عن البروبگاندا التضليلية التي تحوّل وِجهة المتلقي من متلقٍّ محايد إلى متلقٍّ منحاز.
لعل الحديث عن الواقع الإعلامي المملوك لجهات غير مجهولة، يعمل على تزييف الحقائق كلما تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية التي عمّرت لسنين في جميع أروقة المنتظم الدولي، يعمل على تحريف وتزييف الحقيقة، بحيث يجعل القضية مثار استغراب المتلقي كلما حدثت أزمة، حينها يصير المعتدِي صاحب حقّ والمعتدَى عليه “إرهابي” لا حقّ له في الدفاع عن أرضه وعن مقدّساته…
من المعلوم أن من يتربعون على عرش الإعلام الغربي هم من ركائز مسيّري وموجّهي الاقتصاد العالمي، وبالتالي فهم من يوجهون أيضا الرأي العام صوب منظورهم الأُحادي الذي ينبني على الكذب وعلى التضليل وعلى التمويه بتزييف حقائق هي معلومة لدى العامة والخاصة، لكنهم وكلما سنحت الفرصة، يعملون على محو تلك الحقيقة من أذهان الأجيال المتعاقبة آملين الوصول إلى جيل يقول “كلنا إسرائيليون”!
إننا بصدد مواجهة تحديات جمّة، ومن بين هذه التحديات التطور المدهش لوسائل الإعلام والاتصال في عصر التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي.. لقد صار العالم قرية صغيرة باستطاعة أي واحد منا وُلوجها دون تأشيرة سوى تأشيرة امتلاك تقنيات التواصل والحد الأدنى من اللغة.
كثيرا ما يطرح السؤال: “أليس من حق الدولة امتلاك الإعلام”! وجوابي دائما هو أنه من حق الدولة امتلاك وسائل إعلام وليس الإعلام؛ وترك مساحة عريضة بين الامتلاك وبين الموضوعية والمهنية.. وبالتالي يكون الإعلام مِلكاً للعموم، يقدم للمتلقي خدمة الإخبار الموضوعي وليس التضليلي.
أما امتلاك وسائل الإعلام من طرف الخواص، فذاك أمرٌ غالبا ما يفتقد للموضوعية، بحيث تكون التوجيهات والإملاءات التي تعبّر عن الخط التحريري لكل من يمتلك رأس مال المؤسسة، هو الحاكم الآمر الناهي، وقلما نجد وسائل إعلام خاصة تمتلك حرية الرأي والتعبير بكل حرية وموضوعية.
لقد عمّرت القضية الفلسطينية ردحا من الزمن، والمنتظم الدولي القانوني والحقوقي، يعلم جيدا بحقيقة الوضع الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة.
كما تعلم وسائل الإعلام المطّلعة على الحقائق مدى حق الفلسطينيين في الأراضي التي سُلبت منهم بقوة السلاح وبقوة الدعم الغربي بدءً من وعد بلفور، مرورا بكل الاتفاقيات الموقعة ومعاهدات “السلام” التي لم تأتِ بأي سلام، ولعل بروتوكولات حكماء صهيون شاهدة على تاريخ القضية وما يُفتعل فيها