إعلام

كيف تتناول الصحافة العالمية إبادة إسرائيل لشعب غزة وجنوب لبنان (تحليل وردود الفعل)

إعلام

تحليل وردود الفعل.. كيف تتناول الصحافة العالمية إبادة إسرائيل لشعب غزة وجنوب لبنان

حسن اليوسفي المغاري

 

تتزايد التقارير الإعلامية العالمية حول تصاعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وجنوب لبنان، حيث تصف بعض وسائل الإعلام هذه الأحداث بأنها إبادة ممنهجة ضد السكان المدنيين.

هذا التقرير سيستعرض كيف تتناول الصحافة العالمية، وبعض القنوات الدولية، الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في هذه المناطق، مع التركيز على التغطية الصحفية الرئيسية وردود الفعل الدولية.

الصحافة الأمريكية والبريطانية: معضلة الحياد والتحيز

في الصحافة الأمريكية، تتباين التغطيات بين وسائل الإعلام الكبرى. صحيفة “نيويورك تايمز قدمت تقارير موسعة حول التصعيد الأخير، لكن بلهجة تميل إلى تسليط الضوء على مواقف “الدفاع عن النفس” الإسرائيلية.

بعض الصحف مثل ذا نيشن و”واشنطن بوست“، نشرت مقالات تنتقد بشدة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وتصف الهجمات المتواصلة بأنها “حملة إبادة جماعية“.

في بريطانيا، صحيفة “ذا غارديان ركزت على الجانب الإنساني، موثقة أعداد القتلى من المدنيين وحجم الدمار في قطاع غزة.

كما انتقدت الإندبندنت بشدة الصمت الدولي أمام ما وصفته بـ”السياسات العنصرية” التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، معتبرة أنها تتوافق مع تعريف الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي.

الصحافة الفرنسية: دعوات لإنهاء الصراع

في فرنسا، ركزت صحيفة “لوموند على تأثير العمليات العسكرية على الأوضاع الإنسانية في غزة، مشيرة إلى أن الهجمات الإسرائيلية تعزز العزلة الاقتصادية والحصار.

لو فيغارو قدمت تحليلات تشير إلى أن الهجمات المتواصلة على غزة وجنوب لبنان قد تكون محاولة إسرائيلية لإنهاء المقاومة في تلك المناطق بأي ثمن..

في حين نشرت ليبراسيون مقالات تنتقد بشدة الصمت الدولي أمام هذه الجرائم، داعية إلى تحقيق دولي في الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة.

انحياز وسائل إعلامية للاحتلال الإسرائيلي ومحاولاته السيطرة على جنوب لبنان

يشكل الإعلام الدولي أداة قوية في تشكيل الرأي العام، وفي قضايا النزاعات الكبرى، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ومحاولات إسرائيل السيطرة على جنوب لبنان، يصبح دور وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية ذا أهمية حاسمة.

في هذا السياق، يبرز تساؤل حول مدى انحياز بعض وسائل الإعلام لصالح الرواية الإسرائيلية، مما يؤدي إلى تحريف الحقائق أو تقديم صورة مشوهة للصراع على حساب الشعبين الفلسطيني واللبناني.

التغطية الغربية: إطار تحيزي واضح

الصحافة الأمريكية، وعلى رأسها نيويورك تايمز و”واشنطن بوست”، غالبا ما تكون منحازة بالانحياز لصالح إسرائيل، حيث تُقدم الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، غالبا ضمن سياق “الدفاع عن النفس”، في حين يتم التقليل من حجم معاناة المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.

في العديد من التقارير، يتم وصف المقاومة الفلسطينية في غزة وحزب الله في لبنان بأنهما “جماعات إرهابية”، بينما يتم تجاهل سياسات إسرائيل الاستيطانية والانتهاكات المتكررة ضد حقوق الإنسان.

القنوات التلفزيونية مثل CNN و”Fox News” غالبا ما تتبنى خطابا يدعم إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر. على سبيل المثال، أثناء تغطية الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان في حرب 2006، ركزت هذه القنوات على خسائر إسرائيل وتجاهلت إلى حد كبير الدمار الهائل الذي لحق بالمدنيين والبنية التحتية في لبنان. وحتى عندما يتم ذكر الضحايا من الطرف الآخر، فإنه غالبا ما يتم تقليل تأثير هذه الأحداث على المستوى الإنساني.

الإعلام الأوروبي: محاولات تبنب خطاب متوازن.. لكن غالبا ما بميل لصالح إسرائيل

في أوروبا، التغطية الإعلامية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومحاولات السيطرة على جنوب لبنان تبدو في ظاهرها متوازنة، لكنها، في واقع الأمر، لا تخلو من الانحياز.

صحيفة “لوموند” الفرنسية و”بي بي سي” البريطانية، رغم التزامهما بتقديم رواية “متوازنة” في الظاهر، غالبا ما تعكسان وجهة النظر الغربية المؤيدة لإسرائيل من خلال انتقاء المصطلحات.

فعلى سبيل المثال، يُستخدم مصطلح “العنف” لوصف العمليات العسكرية الإسرائيلية، في حين يُستخدم مصطلح “الإرهاب” لوصف ردود المقاومة الفلسطينية أو حزب الله.

التركيز على المخاوف الأمنية الإسرائيلية يتصدر عناوين الأخبار، في حين يتم تجاهل جذور الصراع المرتبطة بالاحتلال والاستيطان. وبهذا، يسهم الإعلام الأوروبي في خلق صورة مشوهة تعزز شرعية الإجراءات العسكرية الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية واللبنانية.

التضليل الإعلامي حول جنوب لبنان: تكرار الرواية الإسرائيلية

محاولات إسرائيل السيطرة على جنوب لبنان، وخاصة خلال حرب 2006، شهدت تغطية إعلامية دولية انحازت بشكل ملحوظ للرواية الإسرائيلية. صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية وبعض وسائل الإعلام الغربية ركزت على تبرير الهجمات الإسرائيلية كجزء من “الحرب على الإرهاب”، بينما تم التقليل من حجم الضرر الذي لحق بالمدنيين اللبنانيين.

كما تجاهلت العديد من التقارير الإعلامية الدولية الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين، مثل استهداف المستشفيات والمدارس والمدنيين بما فيهم الأطفال والنساء والشيوخ..

الإعلام الأمريكي والأوروبي غالبا ما يقلل من أهمية الدمار الهائل الذي ألحقته الهجمات الإسرائيلية بالبنية التحتية الفلسطينية واللبنانية، بينما يركز على الخسائر الإسرائيلية في محاولة لتصوير حركة حماس وحزب الله كتهديد رئيسي يجب القضاء عليه.

تأثير الانحياز الإعلامي على الرأي العام الدولي

الانحياز الإعلامي لصالح إسرائيل له تأثير كبير على الرأي العام الدولي، حيث يسهم في تقليص حجم التعاطف مع الضحايا الفلسطينيين واللبنانيين. عندما تسيطر الرواية الإسرائيلية على العناوين الرئيسية، يصبح من الصعب على الجماهير الغربية، خاصة تلك التي تعتمد على مصادر إعلامية محددة، أن تدرك حقيقة الانتهاكات التي تُرتكب في حق الشعوب المحتلة. هذا التحيز يعزز من استمرار الاحتلال والعدوان، ويقلل من فرص تحقيق العدالة.

الصحافة العربية: توثيق الجرائم وفضح السياسات الإسرائيلية

في العالم العربي، تُعتبر “الجزيرة” و”العربي الجديد” من بين المؤسسات الإعلامية التي تقدم تقارير دقيقة وموثقة حول العمليات العسكرية الإسرائيلية.

ركزت التغطيات على استهداف المدنيين والبنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس، كما سلطت الضوء على التدمير المستمر للبنية التحتية في جنوب لبنان. ووصفت ما يجري بأنه “إبادة جماعية” و”تطهير عرقي“، مع دعوات للمجتمع الدولي للتدخل العاجل.

ردود الفعل الدولية في الصحافة العالمية

كذلك، نشرت صحف عالمية مثل “دير شبيغل” الألمانية و”إلـ باييس” الإسبانية، تقارير حول تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل، مشيرة إلى أن ما يحدث في غزة قد يؤدي إلى محاكمة قادة إسرائيليين بتهم تتعلق بجرائم الحرب.

تناولت بعض المقالات أيضا دور مجلس الأمن في التعامل مع القضية، مؤكدة أن الفشل في اتخاذ موقف حازم يفتح المجال لإسرائيل لمواصلة سياساتها العدوانية.

تتفق العديد من وسائل الإعلام العالمية على أن ما يحدث في غزة وجنوب لبنان هو استمرار لسياسات طويلة الأمد تعتمد على العنف والقوة المفرطة. وبينما تتباين الآراء بين المحايد والمنتقد بشدة، فإن هناك شبه إجماع على أن الأوضاع تتطلب تدخلا دوليا فوريا لوقف المزيد من الجرائم ضد المدنيين.

ويظل التحيز الإعلامي في تغطية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ومحاولات السيطرة على جنوب لبنان تحديا كبيرا أمام الإعلام الحر والمستقل.

وتتطلب مواجهة هذا التحيز إعادة النظر في كيفية تقديم الأخبار وتغطية الأحداث بطريقة تتسم بالشفافية والعدالة، لضمان حق الشعوب في المعرفة الدقيقة والموضوعية. كما ينبغي تعزيز الإعلام المستقل الذي يتيح للروايات المختلفة أن تصل إلى الرأي العام العالمي.

 

المصادر:

  1. “The New York Times” – Gaza Conflict Escalation
  2. “The Guardian” – Israel’s Military Campaigns
  3. “Le Monde” – Israel-Palestine Conflict Humanitarian Crisis
  4. “Al Jazeera” – Israel’s Ongoing Military Operations in Gaza and Lebanon
  5. “Der Spiegel” – International Reactions to Israel’s Actions in Gaza
  6. “El País” – Calls for International Investigation into Israeli Actions

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى