إعداد: حسن اليوسفي المغاري
تعتبر الكتيبة 585، المعروفة باسم “كتيبة قصي” أو “فوج الدوريات الصحراوية”، جزءا من الجيش الإسرائيلي وتحديدا ضمن ألوية الدفاع الإقليمي.
تتشكل غالبية الكتيبة من بدو فلسطين الذين يعيشون في مناطق النقب والجليل، وقد تأسست رسميا عام 1987 بهدف العمل على تأمين المناطق الحدودية، خاصة الحدود مع مصر والأردن، وذلك ضمن مهام تتعلق بالاستطلاع ومكافحة التهريب والأنشطة غير الشرعية.
مهام الفوج 585
يتولى الفوج 585 مجموعة من المهام الاستراتيجية ضمن وحدات الدفاع الإسرائيلية، إذ يعمل في الدوريات الاستطلاعية على الحدود الجنوبية والمناطق الصحراوية. وتشمل مهام الفوج ما يلي:
المراقبة والاستطلاع: تُنفذ هذه الكتيبة دوريات استطلاعية مكثفة على طول الحدود، حيث تُستخدم تقنيات حديثة لتأمين المناطق الصحراوية ومنع التسلل.
مكافحة التهريب والتهديدات الأمنية: تعمل الكتيبة على الحد من التهريب، خصوصاً للمواد الخطرة والأسلحة، عبر الحدود المصرية.
الاستجابة للأحداث الأمنية الطارئة: يتدخل الفوج في حالات الطوارئ الأمنية التي تتطلب سرعة في التحرك، مثل محاولات اختراق الحدود أو إطلاق النار من الجانب الآخر.
تتميز مهام الفوج بطابع خاص نتيجة التضاريس الصحراوية الصعبة التي يتواجدون فيها، حيث يلعب العامل الجغرافي دورا مهما في تشكيل طبيعة مهامهم. لهذا الغرض، تعتمد الكتيبة على قوات مجهزة بمركبات خاصة ونظام اتصالات متطور.
واقع الفوج 585 أمام الأحداث الجارية
مع تصاعد التوترات في المنطقة، لاسيما في قطاع غزة وجنوب لبنان، زادت المهام الموكلة إلى الفوج 585، حيث يعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد على دورياته وقدرته على الاستطلاع والرصد في المناطق الصحراوية.
وفقا لبيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية، ازدادت أهمية هذه الكتيبة مؤخرا في مراقبة الحدود مع مصر للتأكد من عدم تسلل مسلحين إلى الأراضي الإسرائيلية، وهو ما يعزز من أهمية مهام الكتيبة ودورها المتنامي في الحفاظ على الأمن الداخلي.
كما تؤكد التقارير الرسمية الإسرائيلية على فعالية أداء الكتيبة في تعزيز التعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية، من خلال التنسيق مع قوات الشرطة والوحدات العسكرية الأخرى، لمواجهة التهديدات العابرة للحدود. ويأتي ذلك في سياق الرد على التحديات الأمنية المتزايدة في ظل الأوضاع الراهنة، حيث تتنامى حاجة إسرائيل إلى استثمار جهود الكتيبة لضمان الاستقرار الأمني.
ولاء بدو الكتيبة: بين الولاء للدولة والموروث الثقافي
يتشكل الفوج 585 من أبناء المجتمع البدوي الذين انخرطوا في الجيش الإسرائيلي منذ عقود. بالنسبة للعديد من الجنود البدو، يشكل الانضمام إلى الكتيبة وسيلة لتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما في ظل قلة الفرص المتاحة في مناطقهم.
وفقا لتقرير صدر عن صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يعتمد الجيش الإسرائيلي على التقاليد البدوية في التعقب والمراقبة والاستطلاع، حيث يمتاز البدوي بقدرته على التكيف مع الظروف الصعبة واستخدام مهارات الصيد والتعقب المتوارثة.
ورغم الاندماج الجزئي الذي يظهر في ولاء الجنود البدو في الكتيبة 585 للجيش الإسرائيلي، إلا أن هناك نقاشات مستمرة في المجتمع البدوي حول ما إذا كان هذا الولاء يتعارض مع هويتهم كعرب فلسطينيين.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة “هآرتس”، هناك شكوك في داخل المجتمع البدوي حول الانخراط في الجيش الإسرائيلي، إذ يرون أن ذلك يضعهم في موقع حساس، خاصة في أوقات النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
مستقبل الفوج 585 في ظل التحولات الإقليمية
تواجه الكتيبة 585 تحديات جديدة مع تغير الديناميكيات الإقليمية والضغوطات السياسية، خصوصا في ضوء الاتفاقات الأخيرة بين إسرائيل وبعض الدول العربية. ويثير هذا الواقع تساؤلات حول دور هذه الكتيبة في المستقبل ومدى استمرارية ولاء الجنود البدو ضمنها، إذ لا تزال التوترات قائمة بين مختلف مكونات المجتمع الإسرائيلي.
يرى بعض المحللين أن هناك احتمالية لإعادة هيكلة مهام الكتيبة بما يتناسب مع التغيرات الإقليمية واحتياجات الدفاع الوطني، خاصة مع تطور التكنولوجيا الأمنية التي قد تقلل من اعتماد الجيش على دوريات الاستطلاع الصحراوية التقليدية.
يظهر أن الفوج 585 يمثل نقطة تداخل بين متطلبات الأمن الإسرائيلي وولاء الجنود البدو، ويجسد دينامية معقدة تعكس واقعا أمنيا واجتماعيا في إسرائيل، حيث تتداخل مصلحة الدولة مع اعتبارات الولاء الثقافي والهوية الشخصية للجنود المنخرطين في هذه الكتيبة.
تم الاعتماد على مجموعة من المصادر الرسمية والصحافية، ومنها:
- وزارة الدفاع الإسرائيلية: التي تقدم إحصائيات وتفاصيل حول مهام الفوج 585 ومساهمته في العمليات الأمنية على الحدود.
- تقارير صحف محلية إسرائيلية مثل “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس“، التي تناولت دور الكتيبة في حماية الحدود وتحليل الواقع الاجتماعي والاقتصادي للجنود البدو.
- المعهد الإسرائيلي للدراسات الأمنية الذي نشر تحليلات حول دور الكتيبة وتغيرات التوازن الإقليمي، وأثرها على العمليات الدفاعية لإسرائيل.