الإعلامي البيئي

التربية البيئية.. هل نحن بيئيون؟

على هامش انعقاد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29)

الإعلامي البيئي

في ظل التحديات المناخية المتزايدة، وبالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون (كوب 29) في مدينة باكو، أذربيجان، في الفترة بين 11 و22 نوفمبر 2024، حيث يشكل المؤتمر منصة حيوية لتعزيز التعاون الدولي واتخاذ قرارات مهمة تخص البيئة والمناخ عموما. تجدر الإشارة إلى أهمية التربية البيئية ومدى اهتمام الدول المشاركة في برمجة التربية البيئية في برامج تعليمها، بالإضافة إلى مساهمة الإعلام المحلي في توجيه المجتمعات نحو موضوع البيئة والمناخ.

إعداد: حسن اليوسفي المغاري

 

مع تفاقم الأزمات البيئية على المستوى العالمي، مثل التغير المناخي، التصحر، وتلوث المياه والهواء، أصبحت التربية البيئية ضرورة ملحة لتحقيق التوازن بين احتياجات الإنسان والحفاظ على كوكب الأرض. ورغم الجهود المبذولة لدمج التربية البيئية في المناهج والسياسات العامة، لا يزال التساؤل قائما: هل نجحنا فعلا في أن نصبح بيئيين؟ وهل انعكست هذه التربية على سلوكياتنا اليومية بشكل ملموس؟

مفهوم التربية البيئية وأهدافها

تُعرف التربية البيئية بأنها مجموعة من البرامج والمبادرات التعليمية التي تهدف إلى زيادة الوعي البيئي، وتعزيز المسؤولية الفردية والجماعية تجاه القضايا البيئية، إذ تسعى هذه التربية إلى رفع الوعي بأهمية حماية الموارد الطبيعية، تغيير السلوكيات السلبية تجاه البيئة، وتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات واعية تُحقق التنمية المستدامة. لكن تحقيق هذه الأهداف يتطلب جهودا متكاملة على المستويات الفردية والجماعية والسياسية.

وعلى الرغم من التقدم الملحوظ  نسبيا في نشر الوعي البيئي، إلا أن الواقع يعكس فجوة بين المعرفة البيئية والسلوكيات اليومية.

السلوكيات الفردية والسياسات العامة

في حياتنا اليومية، نرى مظاهر كثيرة لغياب السلوك البيئي:

  • الاستخدام المفرط للموارد مثل المياه والطاقة دون وعي.
  • الإدمان على استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام.
  • الإهمال في فرز النفايات وإعادة التدوير.

هذه السلوكيات تدل على أن التربية البيئية، في كثير من الأحيان، لم تتجاوز مرحلة التعليم النظري إلى التأثير العملي.

على مستوى السياسات، لا تزال الجهود غير كافية لتفعيل قوانين بيئية صارمة، أو لتوفير الحوافز التي تُشجع على تبني ممارسات صديقة للبيئة. في العديد من البلدان، تبقى السياسات البيئية جانبا هامشيا في الخطط الحكومية، مما يحد من التأثير الإيجابي الذي يمكن تحقيقه.

التحديات التي تواجه التربية البيئية

غياب التطبيق العملي: المناهج تركز فقط على النظريات دون توفير تجارب ميدانية تُعزز السلوكيات الإيجابية.

نقص الوعي: شريحة واسعة من المجتمعات لا تدرك خطورة التحديات البيئية.

التفاوت الاجتماعي: الفقر والبطالة يدفعان البعض إلى تجاهل القضايا البيئية لصالح تأمين احتياجاتهم الأساسية.

رغم هذه التحديات، هناك مبادرات تدعو للتفاؤل، مثل تشجيع استخدام الطاقة النظيفة، وتزايد الحركات الشبابية الداعمة للبيئة. ومع ذلك، تحتاج التربية البيئية إلى مزيد من الدعم والتطوير لتحقيق أثر أعمق.

ويبقى التساؤل المطروح البالغ الأهمية: كيف نصبح مجتمعات أكثر بيئية إن لم نتبنى سياسات تدعم الاستدامة وتُشجع الابتكار، وإن لم نخلق بيئة تعليمية تُعزز السلوك البيئي منذ الصغر، إلى جانب تعزيز الشراكة بين الأفراد، المجتمع المدني، الحكومات والإعلام.

ليست التربية البيئية مجرد نظريات تُدرَّس في المدارس، بل هي أسلوب حياة يتطلب منا جميعا تحمّل مسؤولية حماية الكوكب. ورغم الجهود المبذولة، لا يزال الطريق طويلا لتحقيق مجتمع بيئي واع ومستدام.

فهل نحن على استعداد لتغيير جذري في عاداتنا اليومية من أجل بيئة أفضل ومستقبل أكثر استدامة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى