أفارقة في الجيش الإسرائيلي: التجنيد مقابل الإقامة وعصابات من كل الأجناس
شهدت إسرائيل في العقود الأخيرة موجات هجرة من قارة إفريقيا، جاءت معظمها من دول تعاني من نزاعات وحروب أهلية. وبينما يُعدّ التجنيس في إسرائيل عملية معقدة تخضع لشروط صارمة، تزداد التحديات الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالمهاجرين الأفارقة من حيث استيعابهم في المجتمع الإسرائيلي، وتأهيلهم للاندماج، وفرض التجنيد الإجباري على الفئات المتجنسة منهم.
يقدم هذا المقال تحليلا حول إشكاليات التجنيس والتجنيد التي يواجهها الأفارقة في إسرائيل، مع توظيف بيانات إحصائية رسمية لدعم الرؤية العامة.
إعداد: حسن اليوسفي المغاري
السياق التاريخي والاجتماعي
إن الهجرة الإفريقية إلى إسرائيل ليست ظاهرة حديثة، حيث شكل المهاجرون من دول مثل إثيوبيا والسودان جزءاً من المجتمع الإسرائيلي خلال العقود الماضية.
في السبعينيات والثمانينيات، تم استقدام المهاجرين الإثيوبيين ضمن “عملية موسى” و”عملية سليمان”، وهما عمليتان منظمتان قامت بهما الحكومة الإسرائيلية لجلب اليهود الإثيوبيين إلى البلاد. رغم ذلك، فإن أفارقة إسرائيل لا يقتصرون على المهاجرين اليهود، حيث قدمت مجموعات من دول أخرى مثل إريتريا ونيجيريا والسودان، مما أدى إلى ظهور تنوع اجتماعي داخل المجتمع الإسرائيلي.
سياسات التجنيس وتأثيرها على الجالية الإفريقية
تضع وزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية شروطا صارمة لعملية التجنيس، والتي تتضمن إثبات ارتباط قوي بالدولة عبر روابط دينية أو عائلية، بالإضافة إلى إجادة اللغة العبرية.
ويُعدّ معدل التجنيس بين الأفارقة في إسرائيل منخفضا مقارنة بالجاليات الأخرى، إذ أن العديد منهم لا يتجاوزون الشروط المعقدة. وبحسب بيانات الوزارة، تم تجنيس نحو 30% فقط من مجموع الأفارقة المقيمين في إسرائيل، بينما يبقى الباقي في وضع إقامة مؤقتة أو غير رسمية.
التجنيد الإجباري وأثره على الهوية الثقافية للأفارقة في إسرائيل
تفرض إسرائيل التجنيد الإجباري على جميع المتجنسين من الأفارقة من الجيل الثاني والثالث، وهو ما يمثل تحديا كبيرا بالنسبة لهم، إذ أنهم يجدون أنفسهم في موقف يتطلب منهم الدفاع عن دولة قد لا يشعرون بالانتماء الكامل لها.
وفقا لتقارير وزارة الدفاع الإسرائيلية، تصل نسبة انخراط الأفارقة المتجنسين في الجيش الإسرائيلي إلى حوالي 70% من المؤهلين. وتثير هذه المسألة تساؤلات حول التأثير الاجتماعي للتجنيد على هذه الفئة، ومدى استعدادهم للتكيف مع القيم الاجتماعية والعسكرية الإسرائيلية.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية للمهاجرين الأفارقة
يواجه المهاجرون الأفارقة تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، تتمثل في صعوبة الحصول على فرص عمل مناسبة، وانخفاض مستوى التعليم، وتعرضهم للتمييز في بعض الحالات. بحسب تقرير نشرته وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، تبلغ نسبة البطالة بين المهاجرين الأفارقة حوالي 20%، وهو معدل أعلى بكثير من المعدل الوطني.
وفيما يخص الخدمات الاجتماعية، يشير التقرير إلى أن معظم المهاجرين الأفارقة يعانون من نقص في خدمات الرعاية الصحية والتعليم، مما يؤدي إلى مشاكل اجتماعية تؤثر على فرصهم في تحقيق الاستقرار والاندماج.
وجهات نظر المجتمع الإسرائيلي حيال الأفارقة المتجنسين والمجندين
ينقسم المجتمع الإسرائيلي في نظرته إلى المهاجرين الأفارقة، إذ يرى بعض الإسرائيليين أن الأفارقة يشكلون عبئا على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، بينما يعتبر آخرون أنهم يقدمون إضافة ثقافية واجتماعية يمكن أن تساهم في تنوع المجتمع.
وفقا لاستطلاع رأي أجرته صحيفة هآرتس، يعتبر حوالي 45% من الإسرائيليين أن سياسة التجنيس الحالية ينبغي أن تشمل المزيد من الفئات الإفريقية، فيما يرى 40% ضرورة الحد من التجنيس وفرض معايير صارمة. من جهة أخرى، تثير مسألة التجنيد الإجباري للأفارقة المتجنسين مخاوف بعض الفئات الإسرائيلية التي تعتقد بأن الأفارقة قد يجدون صعوبة في التأقلم مع الخدمة العسكرية.
جيش إسرائيل المرتزق.. جنسيات وعصابات
في خضم الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط، يبرز جيش الاحتلال الإسرائيلي كـ”قوة” عسكرية تعتمد على مزيج من العناصر المحلية والمرتزقة من جنسيات متعددة، مما يجعله أحد أكثر الجيوش تنوعا في العالم. هذا التنوع، يكشف عن استراتيجية تعتمد على توظيف الأجانب، المرتزقة، وحتى أفراد من عصابات منظمة لخدمة أهدافها السياسية والعسكرية الاستعمارية.
لطالما اعتمدت إسرائيل على استقطاب أفراد من جنسيات متعددة للانضمام إلى جيشها، سواء عبر برامج “العودة” التي تسهل هجرة اليهود من جميع أنحاء العالم، أو من خلال التعاقد مع مقاتلين محترفين.
فغالبية المرتزقة الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي يأتون من دول مثل الولايات المتحدة، روسيا، أوكرانيا، وإثيوبيا، بدعوى “دعم أرض الميعاد”. هؤلاء الأفراد غالبًا ما يتم دمجهم بسرعة عبر برامج تدريبية مكثفة لتعويض نقص الخبرة العسكرية.
وتشير تقارير إلى تعاون الجيش الإسرائيلي مع أفراد وعصابات من أمريكا اللاتينية، أوروبا الشرقية، وحتى إفريقيا، لتأمين خدمات خاصة مثل التجسس، تنفيذ عمليات سرية، وحتى الاغتيالات. هذه العصابات غالبا ما تكون ذات خبرة واسعة في الجرائم المنظمة، مما يجعلها أدوات فعالة لتنفيذ المهام القذرة.
وتساهم الدول الداعمة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة، بشكل غير مباشر في تعزيز وجود المرتزقة عبر تمويل الجيش الإسرائيلي، مما يسهل عليه استقطاب كوادر من الخارج.
تفيد تقارير رسمية أن المرتزقة يمثلون جزءا هاما من العمليات الإسرائيلية، حيث يتم نشرهم في مناطق مثل غزة والضفة الغربية لتنفيذ مهام قمعية. إضافة إلى ذلك، يتم استخدامهم في المهمات الاستخباراتية التي تتطلب تخفّيا ومرونة، وهو أمر يجعلهم مناسبين للمهام التي قد تعرض الجنود الإسرائيليين المحليين للخطر.
من الناحية القانونية، هناك انتقادات دولية لإسرائيل بهذا الخصوص، لكنها تبقى حبرا على ورق. فمن ناحية، يعتبر استخدام المرتزقة انتهاكا للقوانين الدولية التي تمنع استغلال القوات الأجنبية في الصراعات الإقليمية. ومن ناحية أخرى، يعزز هذا التوجه النظرة إلى الجيش الإسرائيلي كمنظمة عسكرية تفتقر إلى المبادئ الأخلاقية، خاصة عندما يتم الكشف عن جرائم حرب ارتكبها هؤلاء الأفراد.
إن اعتماد إسرائيل على المرتزقة من مختلف الجنسيات يكشف عن ضعف داخلي في قدراتها البشرية واعتمادها على قوى خارجية لتحقيق أهدافها. ومع ذلك، فإن هذا النهج يعمق الانقسامات الدولية حول شرعية أفعال إسرائيل، ويفتح الباب لمزيد من التدقيق في استخدام المرتزقة كأداة قمعية في الصراعات.