مشروع قانون المالية 2025: الخبراء يكشفون التحديات ويقترحون حلولاً جذرية
نظم المنتدى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ليلة السبت 16 نونبر 2025 ندوة إلكترونية استثنائية تناولت مشروع قانون المالية لعام 2025 تحت عنوان “نظرة الخبراء”. تميزت هذه الندوة بمشاركة نخبة من الخبراء الماليين والاقتصاديين المغاربة والدوليين الذين ناقشوا تحديات السياسات الاقتصادية ومقترحاتها في ظل بيئة دولية شديدة التعقيد.
السياق الدولي والمحلي: ملامح التحديات
بدأت الندوة بتقييم معمق للسياق الدولي، حيث أشار الخبراء إلى استمرار الاضطرابات الجيوسياسية، والضغوط التضخمية، وتقلب أسعار السلع الأساسية. على الصعيد المحلي، كان التركيز على اعتماد الاقتصاد المغربي الكبير على القطاع الأولي الذي يظل رهيناً بالتساقطات المطرية، مما يعقد عمليات التنبؤ الاقتصادي ويضعف المرونة أمام الأزمات.
تحليل الركائز الأساسية لمشروع قانون المالية 2025
ركز الخبراء على أربع ركائز أساسية لمشروع قانون المالية:
- تعزيز الدولة الاجتماعية:
المشروع يهدف إلى تعميم الحماية الاجتماعية، إلا أن استدامته المالية تثير تساؤلات حادة، خصوصاً مع التكلفة السنوية المقدرة بـ51 مليار درهم، ما يتطلب تعزيز موارد الميزانية بشكل مبتكر.
- تعزيز الاستثمار:
تساءل الخبراء عن قدرة المشاريع الاستثمارية على خلق نمو قوي ومستدام، يتيح تمويل البرامج الاجتماعية دون إثقال كاهل الميزانية العامة.
- خلق فرص العمل:
معدلات البطالة المرتفعة، التي بلغت 13.6% حسب المندوبية السامية للتخطيط، تمثل تحدياً هائلاً يستوجب إعادة النظر في سياسات التشغيل الحالية.
- الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية:
العجز الهيكلي في الميزانية البالغ 4.4%، استناداً إلى تقارير وزارة الاقتصاد والمالية، يثير مخاوف حول فعالية المالية العمومية وقدرتها على مواجهة الديون الخارجية.
توصيات الخبراء: نحو إصلاح شامل ومستدام
خلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز السياسة المالية بالمغرب، شملت:
- توسيع القاعدة الضريبية:
- دمج القطاع غير المهيكل ضمن الاقتصاد المنظم.
- تسريع الرقمنة لتحسين تحصيل الضرائب.
- محاربة التهرب الضريبي عبر تعزيز الشفافية والثقة.
- الإصلاحات الهيكلية:
- مراجعة القانون التنظيمي لقانون المالية لتعزيز الشفافية والفعالية.
- استحداث نظام للمساواة المالية بين الجهات للحد من الفوارق الجهوية.
- الابتكار في النظام الضريبي:
- تنويع مصادر الإيرادات الضريبية وإدخال الضريبة على الثروة بشكل تدريجي.
- تقديم حوافز ضريبية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
- إدارة الدين العام:
- تقليص الاعتماد على الديون الخارجية والرهان على الدين الداخلي.
- إعادة تقييم الإعفاءات الضريبية للشركات الكبرى، بما في ذلك تلك المرتبطة بالاتحاد الدولي لكرة القدم.
ملف التسويات التلقائية: انقسام في وجهات النظر
أثار موضوع المساهمة الإبرائية اختلافات واضحة بين المشاركين، حيث دعا بعض الخبراء إلى تمديدها لتعزيز الإيرادات العامة، في حين عارضها آخرون باعتبارها تتعارض مع مبادئ العدالة الضريبية.
أهمية التزام السلطات وتناغم الجهود
اختُتمت الندوة بالتأكيد على أهمية اتباع نهج شامل للإصلاح المالي يجمع بين تحديث الأدوات، تحقيق العدالة، وتشجيع الابتكار. وأوصى المشاركون بتنسيق الجهود بين السلطات العمومية، الأحزاب، والنقابات لضمان تنفيذ التوصيات وقبولها من قبل المجتمع.
خلاصة: التزام بالحوار واستشراف المستقبل
أكدت هذه الندوة أن مشروع قانون المالية لعام 2025 يشكل فرصة لتطوير نهج اقتصادي أكثر استدامة وشمولية. ومع ذلك، فإن تحقيق الأهداف يتطلب التزاماً قوياً وتضافر جهود كافة الفاعلين لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.