“03 ماي “.. أملي أن نحتفل يوما بواقع إعلامي مهني حُرّ ونزيه
فواصل – –
حسن اليوسفي المغاري
“03 ماي “.. أملي أن نحتفل يوما بواقع إعلامي مهني حُرّ ونزيه
نحتفل اليوم “03 ماي ” باليوم العالمي لحرية الصحافة حيث نجد أنفسنا في كثير من الأحيان أمام إعمال بنود قانونية جنائية لمحاكمات الغرض منها “تقنين استعمال وسائل
التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح”، من أجل تكميم الأفواه وتقييد حرية الرأي والتعبير..
الاحتفال له طُقوسه ومناسباته.. له واقعه الاحتفالي الذي يجعل منك إنسانا فرحا بطبيعة الحدث الذي يجعلك مُنتشيا بكل ما يحيط من حولك..
فهل يحق لنا فعلا أن نحتفل؟
ليس المكان هنا لتشريح واقعنا الإعلامي بمختلف توجهاته، ولن أنتشي فرحا لذكرى سنوية أراد أصحابها أن تكون “يوما عالميا لحرية الصحافة”، ولكن.. وبما أن المناسبة شرط، وجب الاحتفال، ولكلٍّ منا احتفاله بما يراه مناسبا ولائقا بمقامه، وبما يراه ظاهرا أو خفيّا من واقع الحرية، لظاهرة تسمى “حرية الصحافة”..
الصحافة والإعلام عندنا ينهلُ من واقع السياسة، والسياسة تنهل من واقع بئيس أخلاقيا وتربويا وفكريا.. إعلامنا المتوخّى منه تنوير وتوعية وتثقيف وأيضا توجيه الرأي العام، بكل حرية وبكل مسؤولية وبالمصداقية اللازمة والأخلاق المهنية، غالبيته للأسف، عنوانٌ للرداءة والتسفيه الفجّ، لا أعمم طبعا، ولكن ما يطفو على سطح الإعلام بحضوره اليومي هو خارج عن التربية والتثقيف والتوعية.
إننا نحتفل وواقعنا الإعلامي يسائلنا جميعا، واقع حرية الصحافة في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. والسؤال المحوري عن أية حرية نتحدث؟
إذا كان الأمر يتعلق بحرية مقولة “العام زين”، فذاك أمر قد تحقق فعلا بوسائل إعلام باتت تُعرف كأبواق رسمية، بات همّها الحضور في المواسم والأفراح والأتراح والتصفيق و”تغراق الشقف” لكل صوت معارض..
فبالنظر إلى تقارير المنظمات الدولية المختصة بدراسة واقع الصحافة والإعلام عموما، غالبا ما نجد أنفسنا في مراتب متدنية، وواقعنا يشهد على محاكمات بسبب نشر أخبار صحيحة، وأخرى بسبب خطها التحريري غير المتناغم مع التوجه الرسمي، ومحاكمات مغلّفة بلبوس غير إعلامي صرف وبعيدا عن بنود قانون الصحافة والنشر، وبعيدا عن اعتماد قرينة البراءة وحسن النية.
صورتنا وواقعنا لا يشرفاننا نحن كجسم إعلامي مهني، وأركز هنا على المهنية.. وبالنظر إلى ما نعاينُه نُسائل أنفسنا، هل يجدر بنا الاحتفال بصيغة الانتشاء، أم الارتكان إلى زاوية الانكفاء أم الصّدح بقول الحق والعمل بنضال مستمر من أجل الوصول إلى المبتغى.. مبتغى الاحتفال بيوم عالمي تكون قد تحققت فيه عمليا حرية الصحافة!
لقد فتحت مواقع التواصل الاجتماعي بابا مشرعا أمام حرية الرأي والتعبير، لكن في الوقت ذاته، أصبحت سيفا مسلطا أمام من لا يفقه أدبيات وأخلاقيات وقوانين التعبير، إذ لا يمكن لي شخصيا التصفيق، لمن يريد استغلال الحرية دون التزام، التزام مبادئ حرية الرأي وحرية التعبير المكفولة حقوقيا والملتزمة أيضا أخلاقيا.. إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي بيت الأخرين بالحجر.
أملي أن نحتفل يوما بديمقراطية إعلامية في كنف حرية الرأي والتعبير، دون تضييق أو إقصاء، ودون تلميع لصورة جهة عن أخرى، ودون تحيّز لطرف عن آخر، ودون احتكار للمعلومة، ودون تنقيص لموقف أو لحركة أو لفكر أو لاجتهاد..
أملي أن نحتفل يوما بواقع إعلامي مهني حُرّ ونزيه..
أملي أن أرى الحرية تمشي بين ظهراننا بالتزام وبأخلاق وبمصداقية، وبمهنية أيضا.. والصحافي ليس ملاكا، ومهنة الصحافة ليست مقدّسة لدرجة انتهاك حرمة المواطن والعبث بحياته الشخصية وتشويه سمعته وإذلال أفراد أسرته وعائلته..
أملي أن نتوفر على قضاء نزيه يشتغل بضمير العدالة وبميزان العدالة الحق، وليس بتوجيهات جهة ما أو تعليمات استخباراتية تصنع الأحداث والملفات لتقدمها في قالب إجرامي غير أخلاقي في انتهاك خارق لمبادئ حقوق الإنسان.