![الأسرى والفجوة في المعاملة الإنسانية](https://ali3lami.ma/wp-content/uploads/2025/01/jarrar-780x450.jpg)
الأسرى والفجوة في المعاملة الإنسانية
الإفراج الأخير عن ثلاث شابات إسرائيليات، بدت وجوههن مبتسمة وفي حالة صحية جيدة، سلط الضوء على واقع مقلق: الفجوة الواضحة بين معاملة الأسرى الإسرائيليين من قِبل حركة حماس ومعاملة المعتقلين الفلسطينيين من قِبل إسرائيل. فهؤلاء الشابات، رغم ظروف احتجازهن، ظهرن بحالة سليمة جسديًا ونفسيًا. صورة تتناقض تماما مع حالة الأسرى الفلسطينيين الذين يعودون إلى عائلاتهم وقد أنهكتهم المعاناة، أجسادهم نحيلة وعلامات الإرهاق النفسي والجسدي واضحة عليهم.
إن معاملة الأسرى تكشف الكثير عن القيم والأولويات لدى كل طرف في هذا الصراع. فمن خلال الاهتمام بالأسرى الإسرائيليين، تسعى حماس تطبيق القانون المتعلق بالأسرى (اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب)، كما أنها تسعى إلى تقديم صورة محسوبة واستراتيجية، في إطار حرب الرأي العام الدولي.
على النقيض، فإن حالة الأسرى الفلسطينيين، التي غالبا ما تكون غير إنسانية، وتوصف من قبل العديد من منظمات حقوق الإنسان بأنها لا تتماشى وبنود اتفاقية جنيف، وبأنها تثير تساؤلات جدية حول احترام الحقوق الأساسية.
تمتد هذه الفجوة أيضا إلى التغطية الإعلامية. غالبا ما تُغفل أو تُهمّش معاناة الأسرى الفلسطينيين في السرديات الدولية، بينما يتم تضخيم كل تفصيل يتعلق بالأسرى الإسرائيليين. هذه الديناميكية تُسهم في تعزيز الاستقطاب في النقاش العام، حيث تؤدي “إنسانية طرف” و”نزع إنسانية طرف آخر” إلى توسيع الهوة بين تصورات واقع الصراع.
أما بالنسبة لعائلات الأسرى والمعتقلين، فإن الانتظار هو ألم مشترك. ولكن الفارق في حالة الأسرى عند عودتهم يضاعف الشعور بالظلم. غالبا ما تستقبل العائلات الفلسطينية أبناءها وهم محطّمون بعد شهور أو سنوات من الاحتجاز القاسي، مع طريق طويل من التأهيل أمامهم. وهي حقيقة تختلف كثيرا عن الوضع بالنسبة للعائلات الإسرائيلية.
هذا الواقع يدعو للتفكير في المعايير العالمية للإنسانية. فالقانون الدولي الإنساني يفرض معاملة كريمة لجميع الأسرى، بغض النظر عن أصلهم أو تورطهم في الصراع. احترام هذه المبادئ لا ينبغي أن يكون خيارا، بل التزاما عالميا.
لكن مع من.. مع إسرائيل؟!؟
تذكّرنا هذه الفجوة بأن هذا الصراع لا يتعلق فقط بالحرب على الأرض أو الإيديولوجيات، بل هو أيضا صراع على تعريف الإنسانية نفسها. معركة يجب أن يتجاوز فيها احترام حقوق الإنسان جميع الانقسامات.