أخبار وتقاريراقتصاد

المغرب والوضع الاجتماعي: نسبة البطالة 13.3% أمام معدل تضخم وصل إلى 6.8%

شهد الاقتصاد المغربي خلال السنوات الأخيرة تحولات عميقة، سواء على مستوى الدينامية الاقتصادية أو الوضع الاجتماعي. وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط (HCP)، بلغت نسبة البطالة في المغرب 13.3% في عام 2023، مع معدل تضخم وصل إلى 6.8%. هذه المؤشرات تعكس بوضوح حالة التوتر التي يعيشها الاقتصاد المغربي وتأثيرها على الفئات المجتمعية، خصوصاً الطبقة الوسطى والفئات الهشة.

لطالما شكلت الطبقة الوسطى القوة الشرائية المحركة للاقتصاد المغربي، كونها تمتلك قدرات استهلاكية تفوق الطبقات الفقيرة وتساهم بشكل مباشر في تنمية القطاعات الحيوية، مثل العقارات، التعليم الخاص، والتجزئة. مع ذلك، ومع تفاقم معدل التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية، تراجعت القدرة الشرائية لهذه الطبقة بشكل كبير.

وفقا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط، سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً بنسبة 11.4% خلال سنة 2023، في حين ارتفعت أسعار السكن والطاقة بزيادة تقدر بـ 5.6%. هذا الارتفاع الحاد في تكلفة المعيشة أدى إلى تآكل دخل الطبقة الوسطى، وجعلها تواجه ضغوطا متزايدة للحفاظ على مستوى معيشي لائق.

إذا كان تدهور الطبقة الوسطى يشكل مصدر قلق، فإن الوضع بالنسبة للفئات الهشة والفقيرة أكثر تعقيدا. الفئات التي تعيش تحت عتبة الفقر أو بالقرب منها تجد نفسها اليوم في مواجهة مباشرة مع الارتفاع المهول في أسعار السلع الأساسية. وفقا لبيانات HCP، فإن ما يقارب 16% من المغاربة يعيشون في ظروف هشّة اجتماعية واقتصادية، ويُعدّ الريف المغربي أكثر تأثرا بسبب ضعف البنية التحتية وغياب فرص العمل.

كما أن البطالة المرتفعة التي بلغت 13.3% تُشكّل مصدرا إضافيا للتحدي. الفئات الشابة تعاني من قلة فرص العمل، مما يزيد من نسبة البطالة الهيكلية ويدفع العديد من الأسر نحو هاوية الفقر. وبالنظر إلى ارتفاع تكاليف الصحة والتعليم، فإن الفئات الهشة تواجه اليوم صعوبة في تأمين الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، مما يزيد من تفاقم الفوارق الاجتماعية.

تفاقم نسبة البطالة، خاصة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، يُعتبر تحديا رئيسيا للاقتصاد المغربي. حسب المندوبية السامية للتخطيط، تتجاوز نسبة البطالة في هذه الفئة 30%، وهو رقم ينذر بخطورة الوضع. الشباب العاطل عن العمل لا يواجه فقط صعوبة في الاندماج في سوق العمل، ولكن أيضا في المساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مما يُعمّق الشعور بالإقصاء ويُعزز من فرص الهجرة غير القانونية.

التضخم المرتفع الذي بلغ 6.8% يُعتبر السبب الرئيس وراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، حيث أن الارتفاع المستمر في الأسعار يُثقل كاهل الأسر المغربية، خاصةً تلك ذات الدخل المحدود. التضخم يؤثر بشكل خاص على الفئات التي تعتمد على أجور ثابتة أو غير منتظمة، مما يجعلها غير قادرة على مواكبة هذا الارتفاع الكبير في تكلفة المعيشة.

تدل المؤشرات الاقتصادية الحالية، وخاصة البطالة والتضخم، على أن المجتمع المغربي يعيش فترة من التوتر الاجتماعي والاقتصادي. إن التراجع الذي تعيشه الطبقة الوسطى، إلى جانب تزايد هشاشة الفئات الفقيرة، يستوجب تدخلات عاجلة من قِبل السلطات الاقتصادية. الحلول ليست مستحيلة، لكنها تتطلب إرادة سياسية قالمغرب والوضع الاجتماعي: نسبة البطالة 13.3% أمام معدل تضخم وصل إلى 6.8%وية، وإجراءات اقتصادية فعالة تسعى إلى تحقيق التوازن بين مختلف الفئات المجتمعية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى