فواصل

حين تُنصت لنبضات قلبك

حين تُنصت لنبضات قلبك الممزوجة بإيقاعات الذِّكر، فأنت لا تسمع صوتا من عالم الحسّ، بل تلج إلى مقام خفيٍّ يتردَّد فيه صدى الأزلي، حيث الكلمة الأولى لم تزل تُتلى في سكون الوجود: “كُن”.

يا من تتذوّق الذكر لا كلفظ، بل كفيض، اعلم أن القلب ليس مجرد عضو ينبض، بل هو موضع السرّ، مرآةٌ إذا جُليت تجلّى فيها وجه الحق، وإن غُشيَت بالغفلة، غابت عنك أنوار المعاني، وإن كانت تحيط بك من كل صوب.

في لحظة الذكر الصادق، تتفكّك قيود الزمان، وتغيب حدود المكان، ويُشرق من القلب نورٌ لا يُرى بالعين، بل يُشهَد بالبصيرة.

الذاكر ليس من يُردِّد الاسم، بل من يُمحى في حضرته، من يذوب كما تذوب القطرة في البحر، حتى لا يبقى فيها “أنا”، بل “هو، هو”.

الذكر لا يُطرق به باب، بل يُفتَح به بابٌ في داخلك، يُفضي إلى مقام من صدقوا، من ساروا حتى تكسّرت ذواتهم على عتبات المحبوب.

إذا سمعت نبضك يذكر، فاعلم أن القلب تهيّأ للوصال. فكن من المستجيبين، ولا تكن من الغافلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى