فواصل

“المخطط الأخضر” السياسة التي ستأتي على الأخضر واليابس.

حسن اليوسفي المغاري

“المخطط الأخضر” السياسة التي ستأتي على الأخضر واليابس.

 

التضخم سببه ضعف الإنتاج الداخلي وليس ارتفاع الطلب الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.. إنها سياسة تفقير الفقير وإقبار للطبقة الوسطى مقابل تقوية نفوذ مافيات الاقتصاد

هذه نتائج حُكم الأقلية الإقطاعية التي تتحكّم في السياسة وتسيطر على الاقتصاد، تستولي على ما فوق الأرض وما تحتها، تحتكر المنتوج الفلاحي لتصديره قصد تراكم العملة الصعبة، وتتلاعب بالقدرة الشرائية للمواطن البئيس الذي صار يصارع من أجل البقاء على قيد الحياة بأقل ما يمكّنه للعيش!بينما تدافع هي عن مصالحها وتقف وقفة رجل واحد أمام إقرار الضريبة على الثروة والاغتناء الفاحش.

إن التضارب الحاصل في تفسير سبب التضخم الذي نعيشه، بين معطيات المندوبية السامية للتخطيط، وبنك المغرب، ولجوء رئيس الحكومة للديوان الملكي من أجل الرجوع عن نسبة 3% التي أعلن عنها والي البنك المركزي للرفع من سعر الفائدة، الذي علّل ذلك بـتفادي “حدوث دوامات تضخمية وتيسير العودة إلى استقرار الأسعار..” كل ذلك يؤكد التخبط الحاصل بين المؤسسات الرسمية السياسية والاقتصادية والمالية، وعدم توافقها حول أسباب ما آلت إليه الأوضاع المعيشية بسبب الزيادات المتتالية في الأسعار عامة.. هذا مع العلم أن كل الدراسات الاقتصادية تنبئ بالأسوأ في الأيام المقبلة، بل وأكثر من الأسوأ خلال السنتين المقبلتين..

وللتوضيح أكثر، فإن رفع سعر الفائدة الرئيسي يعني أن البنوك ستزيد من تكلفة القروض والتمويلات التي تقدمها للمؤسسات والأفراد، وهذا قد يؤدي إلى تراجع الاستثمار والاستهلاك والنشاط الاقتصادي بشكل عام، كما قد يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم، وهو مؤشر على زيادة أسعار السلع والخدمات، وبالتالي تناقص القدرة الشرائية للمواطنين.

يُجمع معظم الاقتصاديين إلى أن الوضع الحالي المتمثل في هذه الزيادات الصاروخية في الأسعار ما يؤدي إلى تدني المستوى المعيشي، سوف تظل قائمة، وستزيد الوضع قتامة عندما تطبق الحكومة رفع الدعم عمّا تبقى من مواد: (السكر والقمح والغاز)، وعند تطبيق الحكومة لما أسمته بـ”دعم مالي مباشر للأسر الأكثر فقرا” ابتداء من السنة المقبلة، الأمر الذي يعتبر في الأصل إجراء للقضاء على ما تبقى من فئة الطبقة الوسطى، هذا ما يتوافق مع تقرير للمندوبية السامية للتخطيط الذي جاء فيه أن أكثر من ثلاثة ملايين مغربي من الطبقة المتوسطة أصبحوا في وضعية فقر بسبب تداعيات جائحة كورونا.

الواضح أن الزيادات المتتالية في الأسعار أدّت إلى زيادة كبيرة في معدلات التضخم، وذلك وفقا لأحدث تقرير صدر للبنك الدولي بعنوان “الاستجابة لصدمات الإمداد” الذي يشير إلى تراجع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 7.9% في 2021 إلى ما يقدر بنحو 1.2% في 2022، وفي الوقت نفسه ارتفع عجز الحساب الجاري من 2.3% إلى 4.1% من إجمالي الناتج المحلي.

كما سبق لمنتدى دافوس العالمي للاقتصاد أن أكد في تقرير دولي تحت عنوان “المخاطر العالمية لعام 2023” أكد أن أكبر خطر يهدد المملكة المغربية، خلال العام الجاري 2023، هو ارتفاع تكلفة المعيشة، متوقعاً أن يستمر هذا التهديد في العامين المقبلين.

وحدّد تقرير منتدى دافوس أهم 5 مخاطر تحدق بالمغرب على مدى عامين، لخصها في أزمة تكلفة المعيشة: “التضخم السريع، خطر الصدمات الشديدة في أسعار السلع الأساسية، الأزمات الحادة في المعروض من السلع الأساسية وأزمات الديون”.
وهذا فعلا ما نعيشه اليوم جراء سياسة تنموية هشّة تعتمد “الصدقة” الفئوية من جهة، ومن جهة أخرى القضاء على ما تبقى من كرامة العيش للمواطن مقابل السكوت عن الجواب المباشر لسؤال “أين الثروة”، مع العلم أن كل مغربي صار يعلم أين هي تلك الثروة !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى