فواصل

المونديال.. بعيدا عن نظرية المؤامرة.. لو سجلنا لتأهّلنا

حسن اليوسفي المغاري

المونديال: بعيدا عن نظرية المؤامرة.. لو سجلنا لتأهّلنا

 

 

أُسدل الستار عن المهرجان الكروي العالمي الموسوم بـ”مونديال قطر 2022″، وانتهت هذه النسخة محققة نجاحا باهرا بشهادة الجميع، بعد ما حاول البعض وضع العراقيل والتقليل

حسن اليوسفي المغاري

من أحقية وكفاءة دولة عربية مسلمة خليجية من تنظيم التظاهرة الكروية الأغلى عالميا.. انتهى المهرجان الكروي العالمي الذي يتتبعه الملايير من عشاق الكرة المستديرة عبر مختلف القارات الخمس، وشاهدنا مباريات خرافية ابتسم الحظ فيها للبعض، وانتكست أعلام البعض الآخر في الأدوار الأولى، وتمتعنا كعشاق المشاهدة بأوقات كروية ممتعة، وكحالمين حلمنا بمنتخب اسمه “المنتخب المغربي” لكي يلعب الأدوار النهائية فتحقق الحلم.

الحُلم، النيّة، المثابرة، التضحية، القتال والإيمان بالكفاءة.. كلها كانت حاضرة لدى “الأسد” الذي حقق نجاحا غير مسبوق، بل وأحرز تفوقا أمام كبار المنتخبات الأوروبية التي تم إقصاؤها من الأدوار الأولى.. نعم، حلمنا مع من دعانا للحلم فتحقق الحلم، وثقنا في ذاك “الأسد” وبـ”النية” التي صارت عملة صعبة في هذه النسخة المونديالية، استطعنا أن نحقق ما كان أمرا مستحيلا قبل أيام فقط من انطلاق التظاهرة.

وصلنا لنصف المونديال الكروي العالمي، شيء خيالي لن نستسيغ تحققه إلا بعد أيام إن لم تكن شهورا.. إنجاز كروي عالمي اندهش له الجميع، عرب وأفارقة بل وكل العالم.. الجميع اندهش أمام تحدّ رفعه مدرب مغربي شاب مع فريق محترف وطموح، جمع الشمل ورأب الصدع وخلق جوا عائليا تميز بروح الوطنية والدفاع عن القميص الوطني بكل تجرد..

فحضرت الوطنية وحضرت القيم الإنسانية وحضر التآلف والتضحية والمثابرة والغيرة وكل المعاني الراقية، ووصلنا إلى حيث نحن.. المرتبة الرابعة عالميا.

لكن.. أمام كل طموح مشروع، وجدنا أنفسنا أمام مواقف جعلتنا نؤمن بأن هناك مؤامرة، وإن كنتُ شخصيا، أحاول قدر المستطاع تجنب الحديث عن “نظرية المؤامرة”، لكن الغيرة والحماس مع وجود ما يدعم التفكير في وجود تلك المؤامرة، جعلتني أنحو منحى عاطفيا والقول إن هناك مؤامرة لكي لا يتواجد المغرب في النهائي القطري لمونديال 2022.

حصلت مواقف في مباراة النصف اتُّخدت فيها قرارات تحكيمية خاطئة، الأمر الذي دعّم نظرية المؤامرة لكي لا نصل للنهائي، وتكررت العملية في لقاء الترتيب ما دفع عناصر المنتخب للاحتجاج أمام الحكم، بل احتج اللاعب حكيمي في وجه رئيس الفيفا نفسه، بشهادة إعلاميين، قبل أن يعتذر فيما بعد..

مواقف جعلتنا فعلا، وبحكم العاطفة أولا، ولأننا بعد المشوار الناجح والمنقطع النظير، الطمع في أن نصل للنهائي ولمَ لا الظفر بالكأس الغالية.. أليس الطمع مشروعا في مثل هذه الحالات؟.

أمام كل تلكم المواقف، ومن ضمنها غرفة “الفار”، وجب علينا في لحظة تأمل أن نعترف..

هل إن كنا قد سجلنا أمام فرنسا هدفين أو ثلاث، هل كنا سنتحدث حينها بنفس اللغة؟ طبعا لا.. إذن ما دمنا لم نسجل للانتصار على الفريق “الفرنسي الإفريقي الأصل”، فمن الطبيعي أن نقبل الهزيمة.. لكن العاطفة تغلب وأفهم ذلك لأنني شخصيا غرّتني في الأول نظرية المؤامرة.

هل إن كنا قد سجلنا الانتصار البيّن أمام كرواتيا، بغض النظر عن موقف الحكم الذي لم يحتسب ضربة الجزاء، وكانت النتيجة لصالحنا بالتفوق بثلاثة أهداف لهدفين.. ألن نكون واقفين في المرتبة الثالثة؟

في كثير من الأحيان ننسى أو نتناسى التفكير والحكم بواقعية على بعض الأحداث.. نغلّب العاطفة على العقل وإن كان هناك من تصرفات تبرر لدينا “المؤامرة”.

يجب أن نفتخر بإنجاز وجب دعمه في جميع المحطات، إنجاز جمع كل شيء.. انتصار كروي منقطع النظير، فريق متجانس وقوي بجميع أفراده سواء داخل رقعة الملعب أو جنود الخفاء، حضور قيمي أذهل الجميع، مواطنة عالية لكل اللاعبين، التفاعل مع القضية الفلسطينية الحاضرة في كل وقت وحين، الغيرة الوطنية أمام الإحساس بـ”الظلم” و”المؤامرة”، كسب ثقة الجمهور المتتبع حاضرا أو خلف شاشات العالم، مناصرة عربية إفريقية وعالمية، ارتفاع أسهم العديد من اللاعبين الذي أصبحوا مطلوبين في العديد من الفرق الأوروبية العتيدة..

إنه انتصار وأي انتصار، لكن إن كنا قد سجّلنا لتأهّلنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى