غالبا ما نتحدث عن شيء ما ينقصنا..
حسن اليوسفي المغاري
غالبا ما نتحدث عن شيء ما ينقصنا..
تنقصنا المحاسبة وتقديم المفسدين إلى المحاكمات العلنية؛ تنقصنا الشفافية وينقصنا الوضوح، ينقصنا العمل الجاد بتنمية حقيقية تأخذ بعين الاعتبار كرامة المواطن، ينقصنا مسؤولون شرفاء يقدّرون المسؤولية، تنقصنا عدالة اجتماعية ومحاربة ثقافة واقتصاد الريع التي خرّبت المجتمع، ينقصنا قضاء مستقل ونزيه، تنقصنا مؤسسات مُحاسِبة ومُحاسَبة، تنقصنا الشجاعة لتقديم كل فاسدٍ مُفسدٍ بإقالته ومحاكمته لا بترقيته أو بتغيير مهامّه ومكانه!
ما ينقصنا؟
استرجاع ما ضاع وليس عفا الله عما سلف؛ تنحية كل مُفسِد وفسح المجال للأطر الشابة التي تريد خدمة وطنها عوض الهجرة، الوطن وطننا جميعا دون تمييز، ما ينقصنا هو الثقة في شبابنا الذي لا همّ له سوى ركوب أمواج اليمّ إلى فضاء يراه أرحبا وأرحمآ…
تنقصنا مؤسسات مُواطنة، أحزاب حقيقية، نقابات حقيقية لا أفراد يموتون مع وعلى الكراسي؛ تنقصنا رؤوس أموال ومشغّلين مواطنين يحترمون كرامة وحقوق المواطن، تنقصنا استثمارات في مجالات شتى وليس احتكارات تزيد من تضخيم الثروة، ينقصنا عِوَض التساؤل أين هي الثروة بالتساؤل من هم مُبدّروا ومحتكرو الثروة!
ينقصنا الاهتمام بالعالم القروي البعيد، تنقصنا الاستراتيجية الواضحة المعالم للتنمية المستدامة الحقيقية، تنقصنا الرؤية الواضحة للتنمية بمنح فرص العمل وليس الصدقة الموسمية…
تنقصنا استراتيجية واضحة المعالم للتربية والتكوين عوض التخبط في برامج ولجان وتبذير الملايير..
تنقصنا أولوية التطبيب بالصحة للجميع، – ولا ضير في وجود مصحات ومستشفيات لعِلية القوم – .
ينقصنا الفضاء الرحب لتقبّل الآخر، الفضاء العمومي لتلاقي الأفكار وتقبّل النقد البنّاء، تنقصنا الجرأة الأدبية والفكرية والحقوقية والإنسانية لتقبّل الحوار، لتقبل الاختلاف.. ينقصنا الإيمان القوي بأن الوطن للجميع وليس لـ”خُدّام الدولة”!
تنقصنا الجرأة وشجاعة القول: إنه ليس هناك من هو فوق المحاسبة…
السياسة وتسيير الشأن العام هو لصالح العامّ وليس الخاصّ؛ ما ينقصنا هو عدم السماح بالجمع بين السياسي والاقتصادي، ما ينقصنا هو عدم السماح بوجود لوبِيات تحصد الأخضر واليابس بترخيص ومباركة رسمية، ما ينقصنا هو محاربة الاحتكار والتمييز وآفة الفوارق الاجتماعية التي أضحت مستشرية وظاهرة للعيان.
هناك شيء ما ينقصنا؟
هناك عدة أشياء تنقصنا، كما لا ننكر وجود أشياء حققناها، فمغرب السبعينيات كما أعرفه ليس هو مغرب الألفية الثانية، لكن حتما، لو وُجدت محاسبة سابقة وأخرى لاحقة، لكُنا أفضل بكثير.