فواصل

الإعلام سيف ذو حدّين.. باستطاعته البناء كما يمكن استخدامه مِعْولا للهدم

حسن اليوسفي المغاري

 

المجتمع في حاجة ماسة إلى إعلام يساهم بشكل كبير في التوعية والإخبار الصحيح البعيد كل البعد عن البروبگاندا التضليلية التي تحوّل وِجهة المتلقي عن الأمور الأكثر أهمية إلى سفاسف الأمور وأتفه القضايا..

لعل الحديث عن واقعنا الإعلامي المتأزم بفعل معاوِل الهدم، يجعلنا نتساءل عن صِدقية ربط المسؤولية بالمحاسبة، كيف لا ومن يتربعون على عرش الإعلام العمومي الرسمي لا نرى من برامجهم الإعلامية سوى التمويه الأعمى الذي يُعمي الأبصار والقلوب، بل ويجتهد أيضا في جعل الأذهان والعقول في شرود دائم عن الواقع المعيش، سياسيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا.

من المرتكزات الأساسية لوسائل الإعلام، المساهمة الفعلية في النهوض بفكر وعقل المتلقي ليصل إلى مستوى النضج المؤهل للابتكار.. ابتكار الأفكار والآراء والتحفيز للمساهمة في المضي قدما إلى الأمام بتضافر جهود الجميع.

وعندما نتحدث عن دور الإعلام في التوعية، فإن التوعية هنا المقصود بها التفهيم والتوضيح من أجل التمكين، بمعنى تمكين المجتمع من فهم ما يدور حوله من أحداث ووقائع، فهما موضوعيا وتحليلا يرتكز على معطيات حقيقية.

إننا بصدد مواجهة تحديات جمّة، ومن بين هذه التحديات التطور المدهش لوسائل الإعلام والاتصال في عصر بات عصر التكنولوجيات الحديثة بامتياز، بحيث صار العالم قرية صغيرة باستطاعة أي واحد منا ولوجها دون تأشيرة سوى تأشيرة امتلاك تقنيات التواصل والحد الأدنى من اللغة.

إن الحديث عما أتاحته التكنولوجيات الحديثة المتمثلة في مواقع التواصل الاجتماعي، من إمكانيات تواصلية مذهلة، جعلت الإعلام الرسمي بين كمّاشتي الابتذال والتضليل.. بل وباتت تلك الوسائل الاتصالية بمثابة إعلام بديل لفضح المستور وإظهار الحقائق التي تظل غائبة عن العموم، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة ومعلومة لدى الجميع.

أمام إعلامنا تحديات كُبرى وجب على القائمين عليه التفكير فيها جيدا، ومادام احتكار الدولة والأجهزة الرسمية لقطاع الإعلام العمومي، سيد الموقف، فلن نصل لإمكانية الحديث عن دمقرطة الإعلام، والإعلام السممعي البصري على الخصوص.

كثيرا ما يطرح علي سؤال أليس من حق الدولة امتلاك الإعلام! وجوابي دائما هو أنه من حق الدولة امتلاك وسائل إعلام، وليس الإعلام.. وبالتالي فإن الإعلام العمومي هو مِلك للعموم، لجميع فئات الشعب وليس لفئة معينة من الشعب وقد تكون هي الفئة الأكثر أقلية! بينما من حق الدولة امتلاك وسائل إعلام خاصة بها، وحينها تسمى ب”الإعلام الرسمي”، فلا ضير في أن تمارس حقها الإعلامي الرسمي بالتوعية والتربية والتثقيف والترفيه الذي تراه الدوائر الرسمية صالحا لها..

هنا أيضا يجرنا الحديث عن الحرية، الحرية الإعلامية وعدم الانصياع للرقابة الذاتية بالخصوص التي باتت تؤرق أكثر من الرقابة الفعلية!

هل لنا أن نتحدث عن وجود حرية للرأي والتعبير كما هو متعارف ومنصوص عليها في القوانين الكونية؟ هل لنا حرية في تناول الملفات الحساسة التي يدخلها النظام ضمن “السرّية والمصالح العليا” ؟! هل لوسائل الإعلام الحرية في “التحقيق” وفي نشر غسيل المؤسسات العمومية بمسؤوليها ومدبّريها!؟ لِمَ لا يتطرق إعلامنا “العمومي” لملفات الفساد الرسمي وملفات الصفقات العمومية التي تعتبر هي أيضا بمثابة ريع بلبوس “الصفقة”!؟ أين هي برامج التحقيقات التي تفصح أوجه الفساد.. فساد المؤسسات الرسمية وفساد المسؤولين المتشبثين بتلابيب ” الحكامة” الرسمية!؟

لعل الخطاب الرسمي المتكرر حول “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، صار منذ سنوات دون تفعيل على أرض الواقع، الأمر الذي سيزيد من تعميق الهوّة بين القمّة والقاعدة..

فلا ممارسة سياسية بدون محاسبة، ولا تحمّل لأي مسؤولية، دون محاسبة، وإلا فالعبث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والرياضي والإعلامي.. سيظل سيد الموقف!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى