الإعلامي حسن اليوسفي في ضيافة وكالة الأنباء “أذرتاج”: أذربيجان لها من القدرة ما يميز مكانتها في الخريطة المناخية الدولية
استضافت وكالة أذرتاج الأذربيجانية، الإعلامي حسن اليوسفي المغاري، في حوار حول احتضان جمهورية أذربيجان لفعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب 29″، الذي ستحتضنه العاصمة باكو في الفترة بين 11 و22 نونبر 2024.
وقدم شعيب بغادى، مراسل الوكالة بالعاصمة المغربية الرباط الحوار، بأن احتضان جمهورية أذربيجان لفعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، يحظى باهتمام بالغ لشخصيات وفعاليات في مجالات مختلفة تهم بوجه الخصوص المجالات الفكرية والسياسية والإعلامية، بالإضافة إلى الميادين المهتمة بالقضايا البيئية والحياة المجتمعية، و التي عبرت عن آراءها بخصوص أهمية الحدث المناخي كوب 29 و يقينها بكون العاصمة باكو، ستكون في مستوى التطلعات العالمية عبر تنظيم سيساهم في عمقه في تقديم ما من شأنه أن يخدم العالم، و خاصة الدول الأكثر عرضة للتهديدات المناخية.
وفي هذا الإطار تستضيف وكالة أذرتاج، الإعلامي والمتخصص في القضايا المجتمعية والدولية، حسن اليوسفي الذي خص مراسلها بالرباط بالحوار التالي:
منذ 2016 إلى اليوم أي فعل إيجابي قدمه المؤتمر في خدمة قضايا المناخ؟
منذ انعقاد مؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ (كوب 22) في المغرب عام 2016 وحتى الآن، يتجه العالم نحو مؤتمر “كوب 29” الذي سيعقد في جمهورية أذربيجان. تشكل هذه المؤتمرات منبرا دوليا لبحث الحلول المستدامة لمواجهة التغيرات المناخية، لكن يبقى السؤال: ما مدى تأثير هذه المؤتمرات في التصدي للتغير المناخي؟ وما هي الآمال المرجوة من “كوب 29” في ظل تحديات بيئية متزايدة؟
لقد شهدنا على مر السنين بعض التقدم، لكنه لا يزال غير كافٍ لمواجهة حجم الكارثة البيئية التي تلوح في الأفق. فعلى الرغم من اتفاق باريس التاريخي (كوب 21) الذي سعى للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين مئويتين، إلا أن الفجوة بين الوعود والتنفيذ تظل كبيرة. مؤتمر “كوب 22” في مراكش حاول تعزيز هذا الاتفاق من خلال التركيز على التمويل المناخي وإشراك الدول النامية، إلا أن تأثيره على أرض الواقع ظل محدودا نتيجة تردد الدول الكبرى في الوفاء بالتزاماتها المناخية.
من بين الإيجابيات، نجحت هذه المؤتمرات في تعزيز الوعي العالمي بقضايا المناخ، وتوفير منصات للدول الأقل قدرة ماليا للتعبير عن مخاوفها والتحديات التي تواجهها. كما دفعت نحو تحول جزئي إلى مصادر الطاقة المتجددة، لكن وتيرة هذا التحول لا تزال بطيئة. باختصار، لا يزال العالم بعيدا عن تحقيق الأهداف المناخية الضرورية للحد من تأثير الاحتباس الحراري.
تنظيم فعاليات كل دورة من المؤتمر يحتاج بكل تأكيد إلى معرفة هامة ودراية وخبرة، بالإضافة إلي إمكانيات تقنية ومادية. في نظركم كرجل إعلام، ما مدى تأهل جمهورية أذربيجان في إنجاح هذه المحطة وتدبير حاجياتها وفي أي زاوية تضعون الصحافة والإعلام كعنصر أساسي يساهم في تحقيق الأهداف المرجوة؟
يُعقد “كوب 29” في أذربيجان في وقت يحتاج فيه العالم إلى المزيد من الالتزام والجدية في مواجهة التغيرات المناخية. والأكيد أن تنظيم مثل هذا المؤتمر الضخم يحتاج إلى إمكانيات تقنية وبنية تحتية متميزة، بالإضافة إلى قدرة مالية وخبرة إدارية.
كإعلامي، وحسب متابعتي، يمكنني القول إن أذربيجان، تمتلك قدرات تجعلها مؤهلة لإنجاح هذا الحدث. العاصمة باكو تتوفر على بنية تحتية حديثة وقدرة لوجستية قوية، جعلتها تستضيف العديد من الفعاليات الدولية الكبرى. فضلا عن ذلك، يمكن لأذربيجان الاعتماد على مواردها الطبيعية ومواردها المالية لتنظيم مؤتمر يُسهم في وضعها على الخريطة المناخية الدولية.
كما أن أذربيجان لها القدرة في مواجهة التحدي الأكبر، عبر إشراك الإعلام والصحافة كعنصر أساسي في تحقيق أهداف المؤتمر. فهي تعي جيدا أن الصحافة ليست مجرد ناقل للحدث، بل هي شريك أساسي في توعية الجمهور العالمي والمحلي بأهمية التغيرات المناخية وتأثيرها على الحياة اليومية. ونجاح أذربيجان في تسخير وسائل الإعلام المحلية والدولية لنقل صورة شاملة عن التحديات والحلول المطروحة، سيعزز بلا شك من فرص نجاح “كوب 29”. الإعلام يمكنه أن يلعب دورا محوريا في محاسبة الدول على التزاماتها وضمان الشفافية في المفاوضات المناخية.
ما هي آمالكم من محطة “كوب 29″؟
أمام هذا الحدث العالمي، تتجلى الآمال في أن يخرج المؤتمر بنتائج ملموسة تكون على قدر التحديات التي يواجهها العالم. أولا، نأمل في تعهدات أقوى وأوضح من الدول الكبرى لخفض انبعاثات الكربون، والالتزام بما تم الاتفاق عليه في مؤتمرات سابقة. ثانيا، يجب تعزيز الجهود لتوفير تمويل كافٍ للدول النامية التي تتحمل العبء الأكبر من آثار التغير المناخي، مع التركيز على دعم مشاريع التكيف مع الكوارث المناخية.
ثالثا، ينبغي أن تكون الطاقة المتجددة محور النقاشات والقرارات، من خلال وضع خطط تفصيلية للتحول نحو الطاقات النظيفة. على “كوب 29” أن يدفع الدول نحو التسريع في الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المستدامة.
إضافة إلى ذلك، يجب أن يركز المؤتمر على إشراك المجتمعات المدنية والشباب، حيث أنهم الفئة الأكثر تضررا من التغيرات المناخية والأكثر تحمسا لإحداث تغيير فعلي. أصواتهم يجب أن تكون حاضرة في صنع السياسات المناخية، ويجب أن تُعطى لهم الفرصة للمشاركة في الحلول.
لا يمكن تجاهل دور الشفافية والمساءلة. يجب أن تكون هناك آليات صارمة لمتابعة تنفيذ الالتزامات المناخية ومحاسبة الدول التي تتخلف عن الوفاء بوعودها. هنا يأتي دور الإعلام كقوة مراقبة، لضمان أن تكون الحكومات جادة في التزاماتها البيئية.
أخيرا، بينما تستعد أذربيجان بكل الإمكانيات المطلوبة لانعقاد “كوب 29” وضمان نجاح الحدث، تظل الآمال أيضا معلقة على قدرة المجتمع الدولي في مواجهة الأزمة المناخية بشكل فعال. أذربيجان تمتلك الإمكانيات اللازمة لإنجاح هذا الحدث، لكن يبقى السؤال الأكبر: هل سيتمكن العالم من اتخاذ قرارات حاسمة وجريئة تنقذ الكوكب، أم سيظل الخوف من الخسائر الاقتصادية حجر عثرة في طريق حماية البيئة؟