فواصل

يوم الأرض الفلسطيني.. اقرأوا يا عَرب ما خُطّط لكم

حسن اليوسفي المغاري

فواصل.. يوم الأرض الفلسطيني.. اقرأوا يا عَرب ما خُطّط لكم

“الأرض الموعودة، خُطة صهيونية من الثمانينيات” كتاب صدرت طبعته الأولى في يناير 2009، كاتبه “أوديد إينون” ومُترجماه “إسرائيل شاحاك” و “ليلى حافظ”.

(كاتب الكتاب أوديد إينون، صحفي إسرائيلي كان يعمل سابقا في وزارة الخارجية الإسرائيلية. والوثيقة التي هي أصل الكتاب، كان اسمها “الوثائق الخاصة”، نشر الجزء الكبير منها في جريدة قسم الإعلام بالمنظمة الصهيونية العالمية، والتي كانت تسمى “كيفونيم”، وكان ذلك سنة 1980).

الكتاب لمن لم يطلع عليه، يوثق بالكلمة والحُجّة أن دور إسرائيل في المنطقة العربية، وكما جاء على لسان الجنرال “شلومو جازيت”، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، “مهمة إسرائيل الأساسية لم تتغير على الإطلاق، فهي باقية على أهميتها وضروريتها الحاسمة. فموقعها في مركز الشرق الأوسط العربي المسلم، يقدر لها بأن تكون حارسا للاستقرار في جميع الدول المحيطة بها. ويتمثل دورها في حماية الأنظمة القائمة من خلال منع أو وقف العمليات الراديكالية، ومنع توسع أي حماس أصولي ديني”.

ويضيف الكاتب بأن إسرائيل ومن صنعها، حرصت على تفتيت العالم العربي في الشرق الأوسط، الدراسة نفسها التي أكد عليها المفكر “روجيه جاروديه” في كتابه “الأساطير المؤسسة للصهيونية”. الأمر نفسه نجده مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “كيسنجر” الذي كان يقول: “لا يوجد شيء اسمه الأمة العربية”، إذ يلتقي في قوله هذا مع الإسرائيلية “جولدا مايير” التي كانت تقول: “ليس هناك شيء اسمه الفلسطينيون..”.

على هذا الأساس، فإن إسرائيل تعمل في حساباتها الاستراتيجية حسب ما تم التخطيط له على مقدمتين أساسيتين: “أن تصبح قوة إقليمية امبريالية” و”أن تقوم بتقسيم المنطقة بالكامل إلى دويلات عن طريق حل كل الدول العربية الموجودة إلى دول صغيرة معتمدة على الإثنية والطائفية”..

أوليس هذا ما نعيشه اليوم؟.. لاحظوا لبنان وطوائفه، سوريا والعراق وطمس كل حضارتهما، لاحظوا فلسطين والسياسة التي نهجتها إسرائيل منذ 1948 بتهجير الفلسطينيين وما تقوم به الآن من خطة إبادة جماعية في قطاع غزة، ولاحظوا النعرات والصراعات الإقليمية العربية التي مرت خلال القرن الماضي والحالي.

قطاع غزة.. حرب إبادة
قطاع غزة.. حرب إبادة

إن واضعي استراتيجيات التوسع الصهيوني والمعروفة بـ “الفرص بعيدة النطاق”، تأسست على فرضية أن كل “دولة عربية، خاصة الدول التي لها توجهات قومية واضحة ومتماسكة، هي الهدف الحقيقي، إن عاجلا أم آجلا”، الأمر الذي نعيش على إيقاعه، دون إهمال فلسطين طبعا، التي تظل حجر الزاوية في كل المعادلة.

تعتبر خطة “شارون” و “إيتان” بمثابة الخطة المُثلى لتقسيم منطقة الشرق الأوسط بأكملها، هذا التقسيم الذي يعتمد أساسا على جعل المنطقة عبارة عن دويلات صغيرة وحل كل الدول العربية الموجودة حاليا. لذلك نجد ضمن استراتيجية الصهيونية والتي سبق لـ “زائيف شيف”، وهو مراسل حربي لجريدة “هآريتز”، سبق أن أكد عليه بخصوص أن أفضل ما يمكن أن يحدث للمصالح الإسرائيلية في العراق، قوله: “هو تفكيك العراق إلى دولة شيعية وأخرى سنية وانفصال الجزء الكردي منها”، وقد نُشر هذا الكلام في الجريدة المذكورة بتاريخ 6/2/1982..

ويؤكد الكتاب الذي يتحدث عن الاستراتيجية الصهيونية، بأن المشكلة الاستراتيجية التي تعمل عليها إسرائيل على المدى الطويل، تتمثل في أن العالم العربي الإسلامي “لن يمكنه البقاء داخل الهيكل الحالي في المناطق التي تحيط بنا بدون أن يتعرض لتغييرات ثورية حقيقية”.

لذلك يضيف الكاتب، قام الأجانب (فرنسا وبريطانيا) في العشرينيات من القرن الماضي ببناء العالم العربي الإسلامي “مثل بيت الورق المؤقت بدون الرجوع إلى رغبة ومشيئة المواطنين”! مضيفا حقائق من قبيل أنه تم تقسيم المنطقة إلى 19 دولة كل منها تضم عدة مجموعات من الأقليات والجماعات الإثنية التي تكن العداء للمجموعات الأخرى، التقسيم الذي أرادته الصهيونية أن يكون عشوائيا!

بحثت في الكتاب عما هو مُخطط له في الاستراتيجية الصهيونية بخصوص المغرب، ولم يطل انتظاري كثيرا في القراءة إلى أن وجدت فقرة تقول: “… فإن كل دول المغرب العربي مشكلة من خليط من عرب وبربر غير عرب، وتشهد الجزائر بالفعل حربا أهلية في جبال القبائل بين أمتين داخل البلاد…

“كما أن كلا من المغرب والجزائر في حالة حرب ضد بعضهما البعض بسبب الصحراء الإسبانية، ذلك فضلا عن الصراع الدائر في داخل كل منهما (…)”.

بذلك تكون المؤامرة الصهيونية ومنذ مخططات حكماء صهيون، لم تترك منطقة منطقة إلا وجعلت فيها ما يذكي الصراع المحلي والقبلي والإثني، بل وجعلت بعض الأوراق تظل ضمن خططها النائمة لإيقاظها أنّما شاءت، إذ يبقى إشعال فتيل الفتنة الذي لن يثني إسرائيل صبّ الزيت عليه من أجل مصالحها الاستراتيجية.

تحدث الكتاب أيضا عن دول الخليج وعن إيران ومصر والجيوش العربية والأكراد والسنة والشيعة وكل الأقليات التي سماها بـ “الإثنية القومية” التي تمتد من المغرب إلى الهند، ومن الصومال إلى تركيا.. الأمر الذي ترى فيه إسرائيل ما يدل على عدم الاستقرار وإمكانية التحلل السريع في المنطقة، ما يسهل عملية الاستحواذ بخلق الفتن.

لفت انتباهي أيضا ما جاء في الكتاب الصادر محتواه سنة 1982، بخصوص لبنان وسماه بـ “حلب السورية”، حيث أكد الكاتب أن إسرائيل يهمها تفكك لبنان بالكامل إلى خمسة أقاليم، لأن ذلك سيمثل سابقة للعالم العربي بالكامل، بما فيه مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية. وعلى المدى البعيد يعمل الهدف على تفكك سوريا والعراق إلى مناطق إثنية ودينية فقط مثلما حدث في لبنان. ليكون ذلك هو الهدف الرئيسي لإسرائيل على الجبهة الشرقية، وليكون تحلل القوة العسكرية لتلك الدول هو الهدف الإسرائيلي الرئيس على المدى القصير.

جاء في الكتاب بالحرف، “سوريا ستتفكك وفقا لكيانها الإثني والديني إلى عدة دول مثلما حدث في لبنان في الوقت الحالي”، -الحديث عن بداية الثمانينيات من القرن الماضي-، بحيث “يصبح هناك دولة شيعية علوية على طول الساحل، ودولة سنية في منطقة حلب، ودولة سنية أخرى في دمشق مُعادية لجارتها الشمالية، والدروز سوف يقيمون دولتهم، ربما في هضبة الجولان التابعة لنا، وبالتأكيد في منطقة حوران وفي شمالي الأردن.”وختم الكاتب إحدى فقرات الكتاب بالقول: “هذا الوضع سيكون هو الضمان لتحقيق السلام والأمن في المنطقة على المدى الطويل، وهذا الهدف يمكن تحقيقه بالفعل اليوم.”(كما جاء في جريدة هآريتز 21/03/1980).

يوم الأرض الفلسطيني

حدث سنوي يحتفل به في الثلاثين من مارس من كل عام، وتعود جذور يوم الأرض الفلسطيني إلى عام 1976، حيث نظمت الحركة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني في الداخل الفلسطيني مظاهرات سلمية احتجاجًا على مصادرة الأراضي الفلسطينية في قرية سخنين والجليل الأعلى. وهي خطة وخطوة في نفس الوقت لتهويد منطقة الجليل، ببناء تجمّعات سكنية على أراض تعود لفلسطينيين، يمثلون أغلبية في المنطقة. وجاءت تلك الخطة، ضمن مشروع أطلقت عليه “الحكومة” الإسرائيلية برئاسة إسحاق رابين عام 1975، اسم تطوير الجليل. خلال هذه المظاهرات، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق النار على المحتجين السلميين، ما كان سببا في إشعال ثورة غير مسبوقة في فلسطين. منذ ذلك الحين، أصبح يوم الأرض الفلسطيني فرصة للتعبير عن سخط الإنسان الفلسطيني، في مختلف أنحاء فلسطين وفي الشتات، ومواجهته للغطرسة الصهيونية بدفاعه عن أرضه التي يسلبها المحتل الغاصب. من المهم أن نذكر أن يوم الأرض الفلسطيني، ونحن نعاين ما يقع اليوم على أرض غزة من تقتيل وتهجير، بل وإبادة جماعية للإنسان الفلسطيني في قطاع غزة، ليس فقط دفاعا عن الأرض، بل هو أيضًا عن الحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم، بالنظر إلى أن الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني يؤثر على جميع جوانب حياة الفلسطينيين. لذلك، يعتبر يوم الأرض الفلسطيني فرصة للتضامن والتعبير عن الدعم لقضية شعب صار في وضع إبادة، شعب من حقه العيش في كرامة على أرضهم الأم.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى