ثقافة وإعلامفواصل

العمل الصحفي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي موضوع ندوة بالحسيمة

المساءلة القانونية والمسؤولية الأخلاقية

حسن اليوسفي المغاري

ورقة المشاركة في ندوة حول الصحافة والقانون تحت شعار “الحرية والمسؤولية في قانون الصحافة والنشر بالمغرب”، من تنظيم جمعية التبريس للإعلام البديل بمدينة الحسيمة بشراكة مع مركز الدراسات القانونية والإجتماعية ومركز سياق لعلوم الإعلام والإتصال ووزارة الاتصال، المنعقدة بالحسيمة أيام 27-28 يناير 2024.

يمنح دستور29 يوليوز 2011، حقوقًا وحرياتٍ أساسية، بما في ذلك حقوق الحرية الفردية وحرية التعبير. وتشمل هذه الحقوق أيضًا حرية الصحافة والنشر، “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”. الفصل 25 من الدستور

“حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.. للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”. الفصل 28 من الدستور

وتُظهر مواد مدونة الصحافة والنشر المنشورة بالجريدة الرسمية بتاريخ 15 غشت سنة 2016، من خلال القانون 13-88 المتعلق بالصحافة والنشر، والقانون 13-89 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، والقانون 13-90 الخاص بالمجلس الوطني للصحافة، تُظهر في موادها مبدأي الحرية والمسؤولية..

في الوقت الذي وضع القانون رقم 13-31 الصادر في 22 فبراير 2018، المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، تحديات حقيقية أمام الصحافيين في سبيل حصولهم على المعطيات والمعلومات، خصوصا أثناء معالجتهم للأخبار والقضايا والملفات ذات الطبيعة المستعجلة والآنية، إذ يعترضهم تحدّ أو عقبة نكداء تتجلى في مسألة “الحق في الحصول على المعلومات والآجال التي يفرضها” إذ لا يعترف القانون بالصفة الصحفية في طلب المعلومة، وإنما يطلبها بصفته مواطنا وليس بصفته صحفيا مهنيا.. الأمر الذي قد يستغرق مدة طويلة لحصوله على المعلومات، المدة التي تتنافى و”الآنية” التي يتطلبها العمل الصحفي.

لنأتي إلى القانون رقم 08-09 الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 23 فبراير 2009، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين، تجاه حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بحيث يهدف هذا القانون – كما جاء في تعريفه – “لحماية الأفراد من الاستعمال التعسفي للمعطيات التي من شأنها انتهاك خصوصياتهم ومواءمة النظام القانوني المغربي المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي مع نظام شركائه الأوروبيين”.

مع كل ما سبق، الملاحظ أن المشرع المغربي، لم يتطرق إلى مسألة حرية الرأي والتعبير والمسؤولية من خلال استعمال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي!  فهل هو تقصير أم تأخير أم جهل لما هو عليه عالم التكنولوجيات الحديثة من تطور سريع، أم هو إقرار واعتراف بأن العالم التكنولوجي الحديث وما يعرفه من تطور مطرد، لا يمكن التعامل معه بالتقييد؟

من المعلوم أن تنظيم المحتوى الإعلامي والصحفي يتم في إطار القوانين المعمول بها، وقد تكون هناك بعض الوسائل والسُبُل لمراقبة المحتوى لضمان احترام القوانين. وهو ما يجعل المسؤولية المدنية والجنائية حاضرة بقوة في أي عمل إن لم نكن مُلمّين بالجانب القانوني.

لذلك، يتحمل الصحفيون ووسائل الإعلام مسؤولية قانونية عن محتواهم، وقد يواجهون عواقب قانونية في حال انتهاكهم للقوانين المتعلقة بالصحافة والنشر.

وبالتالي، يمكن مقاضاة الأفراد أو الوسائل الإعلامية في حال انتهاك القوانين أو تشويه السمعة.

يواجه الصحفيون اليوم العديد من التحديات القانونية والأخلاقية المتعلقة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ما يطرح العديد من التساؤلات بخصوص التعامل مع هذه التكنولوجيات التي تتطور كل يوم، بل لنقل في كل لحظة بحكم الاجتهادات في برمجة برمجيات وخوارزميات متطورة صار فيها العقل الاصطناعي يتفوق على العقل البشري.

بعض القضايا التي يطرحها العمل الصحفي بموازاة مع برامج الذكاء الاصطناعي:

  1. حقوق الخصوصية وحماية البيانات:

يتطلب استخدام التكنولوجيا الذكية جمعًا وتحليلاً كبيرًا للبيانات. هنا يجب أن يحذر الصحفيون أثناء جمع واستخدام البيانات عن طريق الذكاء الاصطناعي، من أجل ضمان احترام حقوق الخصوصية.

  1. التمييز والتحيز الآلي:

يمكن للخوارزميات الذكية أن تكون مصدرًا للتحيز، وقد يتساءل الصحفيون حول مدى إمكانية تأثير الخوارزميات على عملهم الصحفي بمختلف أجناسه، وكيفية التعامل مع التمييز الناتج عنها.

  1. المسؤولية القانونية والأخلاقية:

عند استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تطرأ مشكلات فيما يتعلق بالمسؤولية. من يتحمل المسؤولية عن الأخطاء أو القرارات الخاطئة التي قد تكون نتيجة استعمال للتكنولوجيا الذكية؟ والمسؤولية الأخلاقية؟

  1. مسألة التحقق من المعلومات ومصادر الأخبار:

يمكن أن تسهم التقنيات الذكية في انتاج وتداول الأخبار الزائفة fake news هنا يحتاج الصحافيون إلى تطوير استراتيجيات للتحقق من المعلومات والمصادر التي يزودها الذكاء الاصطناعي من أجل ضمان موثوقية المعلومات.

  1. مسألة حقوق الملكية الفكرية:

قد تطرأ مشاكل فيما يتعلق بإنتاج المحتوى الصحفي حول حقوق الملكية الفكرية عند استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.. على من تقع المسؤولية إذن؟

  1. الهجمات السيبرانية:

مع التزايد في حالات الهجمات السيبرانية، هل يحتاج الصحافيون إلى تشريعات جديدة من أجل حماية معلوماتهم والحفاظ على سرية مصادرهم.

لذلك وجب على الصحفيين البقاء على اطلاع دائم بالتطورات التكنولوجية والقوانين ذات الصلة للتعامل بفعالية مع هذه المعطيات.

 

التحديات القانونية التي يطرحها التعامل الصحفي مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي:

  1. تنظيم الروبوت الصحفي والخوارزميات الإعلامية:

يثير استخدام الروبوتات الصحفية والخوارزميات الإعلامية تساؤلات حول الحاجة إلى تنظيمات قانونية جديدة لضمان الشفافية والمساءلة فيما يتعلق بإنتاج المواد الصحفية وبصنع القرارات الإعلامية وتأثيرها على المتلقي.

  1. حرية الصحافة والتدخل الحكومي:

يمكن أن يتسبب استخدام التكنولوجيا الذكية في تصاعد التوتر بين حرية الصحافة ومحاولات التدخل الحكومي، خاصة عندما يتعلق الأمر بمراقبة الاتصالات أو تقييد حرية الوصول إلى المعلومات، أو النشر على أي حامل رقمي بمساهمة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

  1. الأخلاقيات الصحفية وتأثير التكنولوجيا:

تطرح التكنولوجيا الذكية تحديات أخلاقية جديدة للصحفيين، مثل كيفية التعامل مع تقنيات التلاعب الصوتي أو استعمال الصورة أو الخُدع المستعملة في الفيديوهات المركّبة، وضرورة الحفاظ على معايير النزاهة في العمل الصحفي.

  1. تحليل البيانات وتحديات الإفصاح:

يتعين على الصحفيين أن يكونوا واضحين حول كيفية جمعهم وتحليلهم للبيانات، ويجب أن تتم مراعاة متطلبات الإفصاح لضمان الشفافية تجاه المتلقي.

  1. تأثير الذكاء الاصطناعي على التشكيك العام:

قد يتساءل المتلقي عن مصداقية الأخبار التي تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويمكن أن يطرح هذا تحديات جديدة للصحفيين في بناء الثقة مع القرّاء.

تلكم كانت بعض التحديات التي تجعل من المهم أن يكون لدى الصحفيين والمؤسسات الإعلامية إرشادات ومعايير واضحة للتعامل معها، وضمان استخدام التكنولوجيا بطريقة تحقق الفائدة الصحفية دون المساس بالمبادئ الأخلاقية والقانونية.

 

هل يحتاج إذن الذكاء الاصطناعي إلى تقنين؟

بالتأكيد، هناك حاجة لتقنين الذكاء الاصطناعي. التقنين يلعب دورًا هامًا في توجيه وتنظيم استخدام التكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. ومن بين الأسباب الرئيسية التي تدعو للتقنين في هذا المجال:

  1. أخلاقيات الاستخدام:

يساعد التقنين في تحديد الإطار الأخلاقي والمعايير التي يجب أن يتبعها نظام الذكاء الاصطناعي. هذا يشمل الحماية من التمييز، والتأكد من التشخيص الصحيح، وتجنب الاستخدام الضار.

  1. حقوق الخصوصية:

يسهم التقنين في حماية حقوق الخصوصية للأفراد عندما يتعلق الأمر بجمع ومعالجة البيانات الشخصية باستخدام التكنولوجيا الذكية.

  1. الأمان والسلامة:

يساعد التقنين في وضع معايير للأمان والسلامة للتأكد من أن الأنظمة الذكية تعمل بشكل آمن وأنها لا تشكل تهديدًا للبشر.

  1. المسؤولية القانونية:

يحدد التقنين المسؤوليات القانونية عند حدوث مشاكل أو أخطاء ناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي، سواء كانت في القطاع الخاص أو القطاع الحكومي.

بشكل عام، يعد التقنين ضروريًا لضمان استفادة المجتمع من التكنولوجيا بشكل فعّال وآمن، ولحماية الأفراد والمؤسسات من المخاطر المحتملة.

فهل ينتبه المشرّع إلى هذه التحديات ويجتهد لمواكبة التطورات التكنولوجية بقوانين معاصرة أكثر انفتاحا تضمن حرية فعلية للرأي والتعبير، وهل يستشعر الصحافي خطورة العمل في عصر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بعدم استحضاره للجانب الأخلاقي والمسؤولية الأخلاقية؟

أسئلة ستظل مطروحة إلى حين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى