فواصل

من يحكم؟

حسن اليوسفي المغاري

 

تراكمت الأحداث وعلَت الأصوات، كثُرت الاحتجاجات والوقفات من مختلف الأطياف، وبات الحديث عن العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية مطلبا رئيساَ للغالبية العظمى من فئات الشعب التي ترى حقوقا ضاعت، ورؤوسا أينعت وحان قطافها.
بالأمس كانت وقفة احتجاجية تضامنية مع صحفيين أربعة ذنبهم الإخبار عن أخبار صحيحة، ولعل الأمر يُنبئ بمسار حقوقي ينحو الإجهاز الكلي على حرية الرأي والتعبير..
واقع تعليمي متأزم بفعل سياسات متراكمة، كل ما ميّزها هو الفشل وتبذير المال العام في سَنّ برامج ومخططات لم نرَ منها سوى تأكيد فشل المنظومة التربوية التعليمية..
تقارير المجلس الأعلى للحسابات حُبلى بما تسميه التقارير ذاتها بـ”الاختلالات”، وصناديق سوداء وبألوان قوس قزح لن تصلها أيادي العدالة النزيهة على قلتها..
عدالة اجتماعية مفقودة، يبحث عنها كل من ضل طريقها علّه يتلمس بصيص أمل في أحضان وقفات ومسيرات صدحَ صوتها المبحوح وعلا أملا في غد أفضل..
حقوقٌ سُلبت من أصحابها، ومواطنون حُرموا لذة العيش الكريم حضَريا وقروياً، بينما فئة قليلة غلبت فئة كبيرة باحتكار الاقتصاد والسياسة وثروات الأرض والبحر..
الحديث الآن عن وجود أزمة، بينما تدبير الأزمة يلزمها إرادة سياسية حقيقية للتغيير، الوضع يلزمه حكماء يُنصتون للمصلحة العليا، والمصلحة العليا تقتضي التحرك بحكمة في اتخاذ القرارات التي من شأنها حماية الوطن.. الوطن الذي يجب أن يحتوي الجميع دون فرق بين شمالي وجنوبي أو شرقي أو غربي، وطن يحتضن الُعُروبي والأمازيغي والريفي والعرَبي والأندلسي.
المغرب وطنُ الجميع، وعلى مدبّري الشأن العام الإنصات لنبض المجتمع المغربي بكل أطيافه. وإذا كانت السياسة هي تدبير ما يمكن تدبيره في الوقت والحين، فالأجدر البحث عن الحلول الناجعة لكل أزمة وليس خلق أزمة بأزمة أكبر منها.. لذى، علينا جميعا المساهمة في حلّ الأزمات وليس خلقها!
أليس هناك عِلْم تدبير الأزمات “Crisis management” خصوصا عندما تصل درجات الاحتقان إلى مستوى يصل معها الضغط إلى توليد الانفجار! أليس الوطن وطن الجميع؟ وطن الغني والفقير، لا ضير في ذلك، لكن ليس وطن الأغنياء والساسة والحُكّام دون باقي الفئات الاجتماعية الأخرى والتي هي المُعتبرة عدديا!
عهدي بالديمقراطية إيجاد عيش كريم للجميع، عهدي بالحراك المجتمعي العمل على تحقيق المَطالب الديمقراطية والمشروعة التي تحقق ذاك المطلب المشترك، العيش الكريم الذي يبتغيه المواطن كيفما كانت وضعيته وكيفما كان توجّهه الفكري والسياسي بالتأييد أو المعارضة.
إن التدبير الصحيح لأي أزمة هو تدبير الاختلاف، وتدبير الأزمة والاختلاف لن يكون إلا بحُسن الإنصات.
فهل لدينا من يُنصت وبتواضع من أجل المساهمة في إيجاد الحلول؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى